مرت امس ذكرى 50 سنة على هزيمة حزيران 67 التي تعد اكبر نكسة في الصراع العربي الاسرائيلي. اظهرت الحاجة الملحة لمراجعة الحسابات الاستراتيجية والرؤى البعيدة والتخلي عن الشعارات الجوفاء التي غلطت الراي العام واعطت صورة خاطئة عن المواجهة مع عدو يجد الدعم والسند اللامشروط من الغرب وتكالبه على الارض العربية ونهب ثروتها وادراجها ضمن اجندات تضعف من طاقتها ولا تسمح بنهضتها مستقبلا.
الهزيمة النكراء التي وقف الرئيس الراحل هواري بومدين يخاطب الوجدان العربي وضميره الحي مطالبا بجمع القوى واستخلاص الدرس من الهزيمة واتخاذها قوة انطلاق نحو الاحسن والاكثر تحدي، لا زالت تتذكر بمرارة. ولا زالت الاقوال المهيجة للشعور والاحاسيس التي تلاها الرئيس الذي قال نحن مع فلسطين ظالمة او مظلومة تتداول على الالسن وتردد في مختلف المنابر والفضاءات. فقد قال الرئيس آنذاك رافضا الاستسلام أن الامة العربية في مواجهتها المصيرية مع العدو لم تضع اسلحتها جانبا وتعترف بالهزيمة لانها لم تستعمل كافة أوراقها في معركة الحسم ولم توظف كل ما بحورتها لاظهار للعالم المتردد المغمض الاعين عن حقيقة الاشياء وعدالة القضية الجوهرية فلسطين.
هذه الصرخة المدوية فهمها الشارع العربي وتجاوب معها المناضل والمقاتل وادرك القادة العرب بعد الاستراتيجية والرؤية الاستشرافية للرئيس الراحل الذي لم يلق خطابا لشحن الارادات وتقوية العزائم واكتفى بترديد العبارات الحماسية ، لكنه قام بجولات مكوكية الى العواصم العربية للنظر في ما يحتاجه من سلاح وذخيرة اشتراها من موسكو طالبا من القادة السوفيات تزويده بافتك الاسلحة تعبيرا عن صدق علاقاتهم مع العرب وحتمية وقوفهم الى جانبهم في المعركة المصيرية.
الموقف الجزائري اعطى نتيجته بحيث مكن العرب من استرجاع قواهم والتجند في صف واحد من اجل المواجهة الحتمية مع الكيان المحتل. فجاءت حرب اكتوبر ٧٣ مدوية معيدة المجد الضائع خاصة وقد وظفت في المواجهة مختلف الادوات منها سلاح النفط الذي كان بحق القوة الحاسمة الفاعلة ما أحوجنا إليها في هذا الظرف من الانهيار الكبير والانقسامات العربية والازمات والتناحر تزيد عمقه جرحا املاءات الخارج واجنداته التي تصب في غاية واحدة: تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ.