عكست الانتخابات التشريعية العديد من المؤشرات الجديدة على الصعيد السياسي، حيث أكدت النتائج المتواضعة على مستوى نسبة المشاركة التي لم تتعد 38 بالمائة أن المشكل في الأحزاب السياسية التي ما فتئت تطالب بالنزاهة وبإدراج هيئة مستقلة لمراقبة الانتخابات التشريعية وهو ما كان لها بعد التعديلات التي أدخلت على الدستور في مارس 2016.
فالكثير راهن على تزوير الانتخابات من خلال تضخيم نسبة المشاركة ولكن النتائج المعلنة أثبتت أنها الواقع وقامت وزارة الداخلية والجماعات المحلية بإعطاء كل الأرقام بما فيها الأوراق الملغاة التي فاقت مليوني ورقة بعد أن كانت في انتخابات 2012 أكثر من 1.7 مليون ورقة وهي خطوة هامة في سياق تجسيد النزاهة والشفافية وتحمل المسؤوليات.
وقد تقاطعت مختلف البعثات التي جاءت لمراقبة الانتخابات التشريعية في نزاهة الانتخابات التشريعية رغم بعض المحاولات للتزوير والتي لم تخفها وزارة الداخلية وتركت الأمر للمجلس الدستوري لإنصاف المظلومين مع متابعة من تراه العدالة قد ارتكب تجاوزات بعد بلاغات الهيئة المستقلة لمراقبة الانتخابات.
وأمام كل هذه الوقائع تبين أن الأحزاب السياسية هي المطالبة بمراجعة نفسها وإحداث إصلاحات داخلية من خلال رد الاعتبار للنضال الحزبي وترشيح المخلصين من الكفاءات وتجنب العمل الموسمي، وتمكين آخرين من قيادة الأحزاب في سياق التداول،وتجنب الحساسيات.
كما أن الأحزاب السياسية مطالبة باستحداث برامج واقعية تراعي متطلبات الوضع الراهن وتساير المجتمع الذي يكون قد عاقب الأحزاب بطريقته الخاصة في الاستحقاقات التشريعية وقدم لها درسا هاما في سياق إعادة بعث نفس في الأحزاب السياسية.
وحتى السلطة التنفيذية ومن خلال تشكيلة الحكومة ظهر بأنها باتت تفضل التكنوقراط على مرشحي الأحزاب في ظل عجز الكثير من الأحزاب عن ترشيح أحسن الكفاءات وما حدث مع وزير السياحة والصناعات التقليدية بن عقون دليل على الوضع المحرج الذي تتواجد عليه الكثير من الأحزاب وعدم قدرتها على مراقبة مناضليها.
لقد تميزت الساحة السياسية منذ دستور التعددية بتراجع الأداء السياسي وسيطرة العنف اللفظي على خطابها كما أن تحميل السلطات كل شيء واستشراء الفساد في الكثير منها واحتكار القيادة في أخرى جعل منها عبئا أكثر منها حلا للمشكل الديمقراطي في الجزائر.