لم نتفاجأ أبدا من المؤامرة المغربية الدنيئة ضد الدبلوماسي الجزائري المشارك في أشغال الندوة الأممية حول تصفية الاستعمار (مجموعة الـ ٢٤) بسان فانسين وغرانادين، الحاملة لخيوط منسوجة بإحكام، لتوريطه في حادثة وهمية من صنع أناس همهم الوحيد والأوحد الإساءة إلى الجزائر ومحاولة توريطها في أشياء لا تمت بصلة إلى أخلاقيات أعوانها.
ليس من عادة الدبلوماسيين الجزائريين اللجوء إلى المكائد السياسية، والدسائس الرخيصة للتشويش على السير الحسن للمؤسسات الأممية، في أداء عملها، والتاريخ يشهد على ذلك وبقوة، وإنما شعارهم دائما هو المقارعة بالحجة والدليل مما يكسبهم ود وإحترام وتقدير الآخر في القضايا التي يثيرونها ويدافعون عنها، كونها لا تخرج عن الشرعية الدولية.
وفي مقابل ذلك، فإن المغاربة يتصرفون بعيدا عن الدبلوماسية، مفضلين السلوكات الفظة القائمة على الذهنية الهمجية، التي أضرت بسمعتهم على الصعيد الدولي، الكل يتساءل عن تصرفات أعضاء وفود هذا البلد في المحافل العالمية، بسبب عدم إلتزامهم بحد أدنى من الأعراف والقيم المعمول بها، بإطلاق العنان لمناوشات وملاسنات ضد الآخرين.
وعليه، فإن المغاربة أصيبوا بإحباط نفسي، وانهيار عصبي، منذ صدور اللائحة ٢٣٥١ حول الصحراء الغربية، ودعوتهم إلى الترتيبات المتعلقة بالمفاوضات ثم الإستفتاء، وكل الأطراف الدولية الفاعلة والنافذة تطالبهم بالإذعان إلى ما قرره مجلس الأمن.. لكن لا حياة لمن تنادي.
هذه الغصة في حلقهم تحولت إلى اعتداءات مباشرة، ودون حياء ضد الصحراويين في الاجتماعات وملاحقة أعضائهم كما كان الأمر في دكار مؤخرا، ويريد هؤلاء اليوم إقحام الجزائر في هذه المؤامرة المحبكة.
لا يستطيع المغاربة مهما تصاعد عنفهم، إقصاء جبهة البوليساريو الممثل الشرعي والوحيد للشعب الصحراوي، من الحضور الدولي والاستراتيجية المتبعة حاليا من طرف المغرب فاشلة، لأن المكلفين بهذه المهمة شحنوا إلى درجة لا تطاق من الوحشية ضد الآخر، مما سبب لهم مضاعفات خطيرة على الصعيد الصحي، آخرها كان ذلك السيناريو المفضوح والمكشوف لشخص مطروح أرضا، أدعت أوساط إعلامية بأنه تعرض لاعتداء، في حين أنه سقط جراء وعكة صحية قوية ألمت به.
هذا هو الجو المشحون الذي يعمل فيه المغاربة بعد أن سجلت عليهم وصايتهم وزارة الخارجية والتعاون الدولي فشلهم الذريع في أدائهم على الصعيد العالمي، وتفوق الصحراويين في إقناع الآخر بعدالة قضيتهم، وحصولهم على كل ذلك التعاطف والمساندة من أجل تقرير مصيرهم.
ومن الخطأ الفادح أن يعتقد المغرب بأن وجوده في الإتحاد الإفريقي يسمح له بالحصول على مكاسب وهمية، هو الآن مطالب فورا باحترام قرارات الإتحاد المطالبة إياه بالدخول في مفاوضات مع جبهة البوليساريو والسماح للممثل السامي جواكيم شيسانو بزيارة الأراضي المحتلة لإعداد تقريره، وغيرها من الإجراءات العاجلة.
أما اعتقاده بنقل المعركة إلى وجهة أخرى، فهذا لا يخدمه أبدا بل يزيد في تراكم الأخطاء السياسية دون أن يدري وهو ما يحدث له اليوم عندما فتح جبهة خاسرة مسبقا على الصعيد الدولي يثير القلاقل وغيرها من التصرفات المرفوضة دبلوماسيا، فهل يواصل العمل على هذا النهج الخاطىء؟.
ونقول لهؤلاء بأنهم لا ينتظرون أي اعتذار من الجزائر تجاه حادثة لا توجد أصلا ومن صنع الخيال، فلماذا لم يعتذروا عن إنزال العلم الجزائري، الذي مازال حيا في ضمائرنا!؟