عندما تسمع وتقرأ آراء بعض المختصين ونقاشات المهتمين حول الطالب الجزائري، يخيّل لك بأن كل مرتادي الجامعة الجزائرية اليوم فاشلون، وأن المستوى منعدم والسنوات التي يقضيها في قاعات الدراسة هي سنوات “عجاف” بلا علم ومعرفة وفهم، وأن الشهادة المحصل عليها هي مجرد هدية تقدم له في نهاية المشوار.
وعندما تطلع أيضا على تحليلات آخرين حول الجامعة الجزائرية، يتبادر لذهنك بأنها فقدت دورها وهيبتها ومهمتها الأساسية، ولم تعد تخرّج كفاءات عليا وإطارات في المستوى وأصبحت مجرد هياكل بلا روح.
هي أحكام ووجهات نظر مبالغ فيها، غير مبنية غالبا على معطيات حقيقية، تجانب الصواب في العديد من الأمور، وتعطي صورة سوداوية عن وضع الجامعة والطالب اليوم، وتقلل من شأن الجهود المبذولة هنا وهناك لأجل خدمة العلم والمعرفة والبحث. لأن الواقع يؤكد أن الجامعة الجزائرية مازالت بخير، حققت وتحقق من موسم لآخر مكاسب رغم المشاكل، وتُخرّج في كل سنة كفاءات يعتمد عليها الوطن حاضرا ومستقبلا، فليس من اللائق والمنطق تصوير راهن التعليم في الجزائر بتلك الصورة وإلصاق به تهم الرداءة والفشل.
صحيح أن هناك نقاطا سلبية يتم تسجيلها سنويا على الجامعة تنظيميا وبيداغوجيا وتسييريا، وصحيح أن مستوى بعض الأساتذة والعديد من الطلبة ضعيف همهم الوحيد في النهاية ورقة الدبلوم، وصحيح أيضا أن هناك جامعات بالوطن لا تؤدي دورها الحقيقي، وفقدت بريقها الذي كانت تتمتع به سابقا إقليميا ودوليا في البحث والتكوين. لكن هذا لا يغطي أبدا عن التكوين والتأطير الجيد الذي يحصل عليه طلبة كثر، يتخرجون وهم حاملون لمستويات تضاهي ماهو موجود عند طلبة بعض الجامعات في الدول المتقدمة، ولا يغطي كذلك على الإمكانيات التي تتوفر عليها الجامعات الجزائرية ماديا وبشريا.
لعل ما تحتاجه الجامعة الجزائرية اليوم، هو إجراء تقييم جدي وشامل يمس جميع الجوانب من طرف مختصين وخبراء وأساتذة ومسؤولين أكفاء، لوضع حد للمشاكل المتراكمة والقضايا العالقة وتذليل مختلف الصعاب، لجعل الطالب يدرس في جو مريح ومحفز على البحث والتنافس العلمي الشريف، بعيدا عن الرؤية التيئيسية والنقاشات الفارغة والنظرة السوداوية المثبطة للعزائم.
طالب اليوم ليس فاشلا
محمد مغلاوي
15
ماي
2017
شوهد:438 مرة