لم يعد هناك مجال للإبقاء على حالة التردد والحرب مستمرة والمواجهات المفتوحة مستنزفة طاقات بلد مجاور تتآكله الازمة منذ سبع سنوات واضعة وحدته الوطنية على المحك تاركة شعبا بأكمله اسرى التقتيل الذاتي والدمار الشامل زادته تهديدا العصابات الارهابية التي دخلت على الخط. استغلت هشاشة المؤسسات والفجوات الامنية للاعتداء على المواطنين العزل وارتكاب مجازر تقشعر لها الابدان معتمدة على قيم، الاسلام بريئ منها وأشياء ما انزل الله بها من سلطان.
الوضع غير الطبيعي جعل الجزائر ترافع بلا توقف للمقاربة السياسية والخيار السلمي يعتمده الليبيون في حوار يخرج برؤية توافقية تعزز الصف ولا تسمح بالمغامرة والتهويل والزج بالبلد نحو المجهول.
الجزائر التي حذرت قبل الازمة من التدخل العسكري الخارجي المولد دوما للتوتر والتهديد، ظلت على هذا الدرب لاقتناعها بان الحوار السياسي هو افضل رد على من يتخذون من ليبيا “ورقة متاجرة” لتامين مصالح وحماية نفوذ في صراع جيو استراتيجي مفتوح. وهذه الطريقة حسب الجزائر هي اقصر مسافة وأكثر ضمانا لعودة الهدوء والسلام لبلد تتقاسم معه حدودا طويلة وتتحمل تداعيات ظرف اقليمي مهتز.
من اديس ابابا الى نيويورك مرورا بأكبر العواصم العالمية، رددت الجزائر على المسامع ما ظلت تخشاه وحذرت من وقوعها تاركة المجال لدبلوماسيتها لتذويب الخلافات بين الاطراف وتقريب وجهات النظر وإزالة الشكوك التي تحوم حول جولات الحوار والمشاورات.
بهذه الطريقة اقنعت المترددين وكسبت ودهم وثقتهم ، نجحت الجزائر في ان تكون الوجهة المفضلة للأطراف الليبية التواقة للحوار السياسي وجعلتهم يخرجون من المسارات الاخرى ويفضلونها في مسعى البحث الجدي الجاد عن مخرج الازمة. حوارات تمت والاتفاق على ارضية سياسية مشتركة منطلق الحل تم التوصل اليها، وثقة وضعت في حكومة وفاق وطني يحرص الاطراف التواقة للسلم وضع الثقة فيها لبسط نفوذها وسيادتها على كامل الاقاليم.
بهذه الطريقة التي طوت مالي ازمتها عبر حوارات لعبت فيها الدبلوماسية الجزائرية دورها الريادي طبقا لتعليمات رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة وكانت محور اشادة وتنويه تواصل الاطراف الليبية جهودها لاستكمال ما تم بناؤه وتعزيزه اعتمادا على بلادنا التي اقنعت دول الجوار بمسعى الانخراط في المسار السياسي تأمينا للمنطقة وضمانا لاستقرارها.
الاجتماع الـ11 لدول الجوار، اليوم، بالمركز الدولي للمؤتمرات بالجزائر ،محطة مفصلية اخرى لمرافقة الليبيين في مسار التسوية السياسية المنشودة المبنية على الثنائي المقدس: السلم والمصالحة المدخل الآمن المؤمن للانفراج يتطلع إليه الجميع.