لماذا التهويل..؟

جمال أوكيلي
07 ماي 2017

لا تخلو الإنتخابات التشريعية ليوم ٤ ماي من الضمانات الدستورية الواردة في أعلى وثيقة للبلاد وكل من يرى بأن النتائج لم تكن في مستوى توقعاته ما عليه إلا العودة إلى الآليات المعمول بها قصد استبيان ما حدث لتفادي الوقوع في القراءات الخاطئة.
هذه بديهية سياسية لا تحتاج لأن نجترها أو نكررها على مسامع كل من أثر فيه هذا الموعد. قد نتفهم رد فعل رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية السيد تواتي الذي استشاط غضبا أمس بمقره خلال لقائه بمتصدري القوائم الإنتخابية.. لكن التفوه بكلام خطير عن شرعية العمليات الإنتخابية منذ الإستقلال إلى غاية يومنا هذا وحصرها في ١٩٦٢ و١٩٩١ فقط هو مساس صارخ بمسار بناء الدولة الوطنية وإقامة مؤسسات ذات بعد شعبي تعبر عن اختيار الصندوق وهذا من خلال الإعلان الرسمي في سنوات الألفين عن إنتهاء عهد الشرعية الثورية أو التاريخية وإحلال محلها الشرعية الشعبية أي العودة إلى الصندوق في كل مرة تقتضيه المرحلة والمحطات الرسمية المبنية على العهدات لـ الرئاسيات، التشريعيات، المحليات)، زيادة على نكران التضحيات الجسام.
العمليات الإنتخابية في الجزائر لا تتجزأ وقد يخطئ من يعتقد ذلك ومن يملأ رأسه بهذه الخلفيات يجد نفسه رهين وحبيس مغالطات سياسية تلحق به الضرر المعنوي في مسيرة حياته كونه أخفق في التحليل الدقيق أين كانت هذه الأحزاب طيلة خمس سنوات قد فضلت الحضور عبر الأستديوهات بدلا من التوجه إلى الميدان.
يجب الإقرار بشيء مهم وهو أن قوة الإقناع غير موجودة، لدى قادة الرأي وشباب اليوم لا يعرف هذه الرموز الحزبية، بقدر ما هو مطلع بشكل رهيب على «الفضاء الأزرق» وهو الحيز الذي يقول فيه كل شيء.
روح المسؤولية الحزبية تفرض نفسها بقوة هنا لأن كل تجاوز أو مساس بالإستقرار أو تأليب للرأي العام على النظام والإخلال به يعرض صاحبه لأقسى العقوبات منها حل الحزب، وهو معمول به وهذا ليس غريبا ولا يمس بالديمقراطية ومايشبه ذلك من الشعارات الرنانة والأقاويل البراقة، والكلام المعسول.
نحن اليوم في حاجة ماسة إلى الهدوء وهذه أولوية ولا يحق لأي تشكيلة المتاجرة بالإنتخابات التشريعية لأن الجزائر أكبر من الأحزاب وما وقع في المراكز وغيرها من أشياء لم يتحملها المترشحون تفتح أفقا واسعا من أجل التواصل مع الهيئة المستقلة لمراقبة الإنتخابات، والمجلس الدستوري، قصد معالجة الحالات المطروحة قانونا بالأدلة وبعيدا عن الروايات التي تسمع هنا وهناك أو ما يطالعنا به «الفايس بوك» من صور مفبركة معرضة لتركيب مشوه لما يعرف بـ«فوتوشوب».
لا يجب أن يقع مسؤولو الأحزاب في هذه الأكاذيب المغرضة كما أنه مطلوب من هذه التشكيلات الإرتقاء إلى سقف الفعل الحضاري، المبني على إحترام الفائز والأكثر من هذا تهنئته لم لا.. أما الدعوة إلى الإحتجاج فهذا لا يتماشى أبدا مع انشغالات البلد في الوقت الراهن لأنه من حق السلطات العمومية الحفاظ على الأمن العام، وأملاك المواطن، وعدم ترك الفوضى أو الشغب يفرض نفسه.
ومهما تكن نسبة المشاركة والنتائج المعلنة، فإن الجزائريين يتمتعون بحس مدني استثنائي وبامتياز في عدم الذهاب إلى الخيارات الراديكالية لأن التسعينات علمتهم بأن الإستقرار أغلى من الاقتتال ولا يسيرون أبدا في هذا الإتجاه لتخريب بلدهم فما على هؤلاء إلا التعقل !؟

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19634

العدد 19634

الأربعاء 27 نوفمبر 2024
العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024