تواطؤ

فضيلة دفوس
02 ماي 2017

دعنا في البداية نتّفق على أن الإحتلال ومهما كانت مكانة الدّولة التي تمارسه، والمبرّرات التي تسوّقها، فهو لا يمكنه أن يستمرّ وينتصر على محاولات ولوائح إنهائه، إلاّ إذا كانت هنالك قوى عظمى متغلغلة في المؤسسات الدولية تدعمه وتحمي ظهره من أي عقاب أو قرار إزالة.
الحقيقة هذه نستشفّها من الاحتلال الإسرائيلي الذي سرق الأرض الفلسطينية وشرّد أهلها، ونكّل ولا زال بمن بقي متشبّتا بفتات أرضه في غزّة والضفة، كما نستشفها من الاحتلال المغربي للصحراء الغربية الذي تمكّن طول العقود الأربعة الماضية، من خرق قرارات الشرعية الدولية التي توصي صراحة وبدون أي لبس، بأن الإقليم الصحراوي، أرض محتلة يشملها مبدأ تصفية الاستعمار وتقرير مصير شعبها من خلال إستفتاء حرّ ونزيه ترعاه الأمم المتحدة.
لا نجانب الصواب بكل تأكيد، إذا جزمنا بأن المغرب يستقوي على الشعب الصحراوي ويستعرض عضلاته الضّامرة على الشرعية الدولية بما يتلقّاه من دعم فرنسي، ولولا هذا الدّعم، لعاد أدراجه بقوافل مواطنيه التي جرّها لاحتلال الصّحراء الغربية ضمن مسيرته المشؤومة منتصف سبعينات القرن الماضي التي ستبقى إلى الأبد وصمة عار في جبينه، وجبين من كان ولا زال طول الـ ٤٠ سنة الماضية يغطّي على انتهاكاته الجسيمة، ويعطّل تنفيذ استفتاء تقرير المصير، ويدفعه بلا خوف، ليتطاول على بعثة «مينورسو» الأممية فيطرد مكوّنها، ويسدّ أبوابه في وجه المبعوث الأممي، حتى لا يكونا شاهدين على خروقاته، وحتى يتمادى بعيدا عن أي رقيب، في نهب ثروات الاقليم المحتل بتواطؤ شركائه الذين رأينا كيف سعوا نهاية الأسبوع الماضي في مجلس الأمن الدولي إلى تفصيل القرار الذي أصدره حول الصحراء الغربية على مقاس الاحتلال المغربي، وكيف تآمروا بأعلى درجات المكر والخبث لعكس الحقائق على الأرض وإظهار الجلاّد كضحية، والضّحية كمتسبّب في تعطيل الحل الذي هو بمنطقهم ما قرّره المغرب بصفة أحادية لترسيخ احتلاله وشرعنة سيطرته على الأرض الصّحراوية.
لقد كشفت الدول الدّاعمة للاحتلال المغربي، وفي مقدّمتها فرنسا مرة أخرى وجهها الحقيقي في مجلس الأمن، ورأينا كيف سعت إلى تلغيم القرار الذي أصدره، بتحويل الأنظار عن المسائل الجوهرية إلى أمور هامشية تافهة، وبدل التركيز على تصفية الاستعمار وتقرير المصير، جرّت المجتمعين إلى قضية التواجد العسكري الصحراوي بمنطقة الكركرات وكأنها جريمة عظمى، مع أنّ الكركرات أرض صحراوية وتواجد الجيش الصحراوي بها أمر مشروع، وقدّمت الاحتلال على أنه حمل وديع انسحب من هذه المنطقة العازلة بمحض إرادته، والحقيقة أن الانتشار العسكري الصحراوي بالكركرات كان مدفوعا بتغلغل قوات الاحتلال المغربي إليها شهر أوت الماضي قصد تعبيد الطريق التي تتوسطها، ليسهل عليه تصريف الثروات التي ينهبها من الأرض الصحراوية إلى إفريقيا، وانسحابه منها شهر فيفري الماضي لم يكن إلا بعد إنهاء مهمته لا أكثر ولا أقل.
الجمهورية الصحراوية أجهضت المؤامرة، عندما قرّرت إعادة نشر قواتها بالمنطقة العازلة، والمتآمرون اصطدموا بدول داخل مجلس الأمن دافعت بقوة عن عدالة القضية الصّحراوية، فصدر القرار ٢٣٥١ داعما للحل الشرعي من خلال المفاوضات، يبقى فقط تفعيل القرار وعدم وضعه في أدراج النّسيان حتى لا تقتل القضية بالتّقادم.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19634

العدد 19634

الأربعاء 27 نوفمبر 2024
العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024