حملت رسالة رئيس الجمهورية في عيد العمال الأمل في مواصلة النضال من أجل مكاسب أخرى وأثارت تحديات يتوجب رفعها لمواجهة الظرف الصعب، إملاءاته ومآثره. جاءت الرسالة التي سلطت الضوء على الحركة العمالية مدرسة الوطنية والمواطنة والنضال باقتراحات حلول لوضع اقتصادي مالي ليس على ما يرام. وهو وضع ألفته الجزائر التي لم تتحرر من التبعية للمحروقات في فترات سابقة كشف من خلاله العمال والعاملات روح التضحية والوفاء ولم يستسلموا لليأس. واجهوا الظروف القاهرة بعزيمة لا تتوقف وصبر أيوب، رافعين التحدي للإبقاء على آلة إنتاج تدور ومؤسسات واقفة. وكان المثال القوي مواجهتهم لتداعيات التعديل الهيكلي المُرْ وموجة الإرهاب الأعمى. وها هم يسيرون على نفس المنوال أثناء الأزمة الاقتصادية المالية العالمية جراء انهيار أسعار الذهب الأسود وما فرضه من تهديدات وأخطار شكلت حافز قوة وغذت روح المثابرة والمبادرة في مرافقة لحظة الخروج بأقل ضرر من الأحادية الاقتصادية لتلبية حاجيات وطنية ملحة ولم لا التصدير.
طرحت رسالة الرئيس بوتفليقة المعبرة عن خارطة طريق للمرحلة الحاضرة والآتية، البدائل الممكنة في بناء اقتصادي قوي يحمل المعايير والمواصفات ولا يخشى المنافسة.هذه البدائل التي رافع من أجلها الرئيس بلا توقف منذ توليه الحكم بداية الألفية فكوّن مؤسسات وأصدر تشريعات وتنظيمات في إطار إصلاحات جذرية، آن الأوان أن ينخرط فيها المتعاملون الاقتصاديون ويتجاوبوا معها عبر استثمارات منتجة من العيار الثقيل المعول عليها في تشييد قاعدة صناعية لا تهتز تحت أي طارئ ولا تعتمد دوما على الحماية التي توفرها لها الدولة خاصة مع قرب الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية والانفتاح الكبير الذي يحدثه اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي بدءا من 2019.
رافقت السلطات العمومية أرباب العمل، وظلت تزودهم بما هم في حاجة إليه من دعم ومساندة وتهيئة مناخ المال والأعمال، ورافعت لاستهلاك “منتوج بلادي”، عليهم الآن كسر التردد والتحفظ لاقتحام مناطق التوسع الاقتصادي وإنجاز مشاريع يعوّل عليها في امتصاص خريجي الجامعات والمدارس العليا والتكوين.
يعزّز هذا التوجه ويساعد انطلاقته القوية رفع التحديات الثلاثية الأبعاد التي تشكل أساس معادلة الإقلاع الذي لا يسمح بمزيد من الانتظار، السلم الاجتماعي داخل المؤسسات وما يمليه من تجند في إطار تقاسم وظيفي يضع الإنتاج فوق كل الحسابات بعيدا عن القاعدة “تخطي راسي”، تحسين الإنتاج وتزويده بمعايير الجودة وشهادات المطابقة شرط النجاح والصمود، وأخيرا مواجهة مضاربة تتلاعب بقوت المواطن وقدرته الشرائية. هذه المعادلة تعكس التوجه العام لتقوية جبهة وطنية تعطي للاستقرار الوطني دعامة وصلابة لا تقوى على اختراقه أية قوى عدائية مهما أوتيت من قوة ونفوذ.