التحليل الأسبوعي

النّجاعــــة والرّفاهيــة

فضيلة بودريش
29 أفريل 2017

لعل أهم ما يسجّل من مؤشّرات إيجابية على صعيد المستجدّات في عالم الشغل، الإرادة القائمة التي أعطت الضّوء الأخضر من أجل تسريع وتيرة النمو الاقتصادي واستحداث الثروة، الذي يعوّل عليه في رفع سقف القدرة الشرائية. ولاشك أنّ إرساء النموذج الاقتصادي للنمو، الذي يعكف من خلاله على تحقيق التنوع الاقتصادي، وبالتالي الإقلاع بوتيرة تحرّر المداخيل الوطنية من الثروة النفطية، ينتظر منه الكثير على صعيد بعث الاستثمارات المنتجة وذات النجاعة العالية التي من شأنها أن تستوعب اليد العاملة خاصة منها  المؤهلة، علما أنّ فعالية الإنتاج لا شك سوف تكون الجسر الحقيقي نحو الاستقرار الاجتماعي، والقفز إلى مستوى معيشي مريح لمختلف شرائح المجتمع.
لا يكفي أن يتم التّخطيط على المستوى الاقتصادي بخلق المشاريع وإطلاق الخطط والاستراتجيات، على اعتبار أنّ العنصر البشري يعد فاعلا جوهريا في معادلة إنجاح توجهات التنمية، لذا التحضير أيضا ضروري على مستوى تأهيل اليد العاملة، وإجراء دراسات دقيقة لكل ما يجب تكوينه على مستوى الجامعات والمعاهد أو في مراكز التكوين المهني، حتى لا يشتكي المستثمر سواء المحلي أو الأجنبي من غياب من يحرّك مشروعه ويجسّده على أرض الواقع، وحتى لا نضطر إلى استيراد اليد العاملة الفنية في ظل توفر الثروة البشرية خاصة الكفؤة بشكل كافي.
وفي كل مرة يعود فيها الاحتفاء بذكرى اليوم العالمي للعمال، يتم الوقوف بدقّة على كل ما تحقق من مكاسب اجتماعية، علما أنّ هذه الأخيرة مرتبطة بشكل وثيق مع التنمية الاقتصادية، لأن من يحقق التنمية أي الاجتماعية والاقتصادية العامل في الورشة والمهندس والباحث في المخبر والمسير بنظرته الإستراتيجية الثاقبة والذكية للسوق، وحرصه الدائم على مواكبة آخر التطورات التي تعرفها الآلة الإنتاجية.
إذا الآن الحفاظ على هذه المكاسب، يكون بلا شك تحت مظلّة النموذج الاقتصادي للنمو، لما يحمله من آفاق استثمارية إنتاجية واعدة وتوجه أكيد نحو التصدير للأسواق الخارجية، من خلال مرافقة المؤسسة التي تنتج القيمة المضافة، وتساهم في إنتاج الثروة والتقليص من الاستيراد بتحفيزات امتيازية وتفضيلية حقيقية، غير أن المورد البشري يبقى العنصر الحاسم في تجاوز منعرج التحول الاقتصادي، لذا من الضروري سواء في القطاع العمومي أو الخاص، أن يكون هذا المورد البشري على درجة عالية من الاحترافية والكفاءة والأداء الجيد، على امتداد مسار كامل للدورة الاقتصادية، إذا عالم الشغل يبقى الباعث الوحيد للنجاعة الاقتصادية والرفاهية الاجتماعية في جميع المراحل، في ظل الحاجة الماسة إلى تعميق الاستثمارمن خلال تبني الاقتصاد الرقمي والاستثمار فيه بشكل كثيف، على اعتبار أنه لا يحتاج إلى أموال كبيرة ومساحات واسعة من العقار، بل يحتاج إلى العناية بالباحثين الأكفاء والمبتكرين المميزين، وفوق ذلك يمكن للاقتصاد الرقمي أن ينوع الاقتصاد ويساهم في استحداث الثروة وينتظر منه الكثير على مستوى التصدير خارج قطاع المحروقات.
يمرّ العيد العالمي للشغل ويبقى الانشغال الأول والريادي للجزائر، يكمن في الرفع من وتيرة النمو بعد الإقلاع الاقتصادي، الذي انتعش مع إرساء النموذج الاقتصادي للنمو، في ظل الحسم في الحفاظ على المكتسبات الاجتماعية وتعزيزيها، من خلال الاستمرار في البحث عن استحدث مناصب الشغل وتحسين وضعية العامل، سواء تعلق الأمر بالجانب التشريعي لحمايته القانونية أو على الصعيد المادي، وكذا الاهتمام المسجل على مستوى الجانب التكويني من أجل الرفع من مستوى أداء اليد العاملة..إذا العامل في يومه العالمي من حقّه أن يطمح ويعمل على تجسد تطلعاته الاقتصادية والاجتماعية ،من خلال استغلال الحركية الاقتصادية التي تعيشها الجزائر والظرف الجد مناسب لإنجاح معركة النمو الاقتصادي والاجتماعي.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19634

العدد 19634

الأربعاء 27 نوفمبر 2024
العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024