الإرهاب واحد

فضيلة دفوس
25 أفريل 2017

رغم أنّ وجع الإرهاب واحد، فإنّنا للأسف الشّديد نرصد ردود فعل متباينة على نتائجه الكارثية، وتمييزا كبيرا بين ضحاياه.
فبينما يهتزّ العالم ولا يقعد لمّا يقتل الدّمويّون شرطيّا أو مدنيّا في بلد من بلدان الغرب المترف المتعالي، وتتوالى الإدانات والمواساة وتتهاطل برقيات التّعازي من كلّ أصقاع الأرض، وتنكّس الأعلام، وتطفأ الأضواء، فإنّ دمعة من مُقلة أحد لا تسقط عن الجرائم والمجازر المروّعة التي تشهدها بلدان العرب والمسلمين على أيدي زبانية الموت، الذين يسفكون الدّماء باستعمال كل طرق القتل الوحشي التي لا يمكن لعقل إنسان سويّ أن يتصوّرها، فيبيدون ضحاياهم بالمفخّخات والأجساد المتفجّرة، ولا يتردّدون في نحرهم وحرقهم أحياء، أو حتى سحقهم تحت عجلات المركبات، وامتدّت وحشية هؤلاء إلى استعمال الأسلحة الكيمياوية التي تحصد في ضربة واحدة المئات…ويرحل ضحايا الإرهاب في هذا الجزء المغلوب على أمره من العالم في صمت ودون أن يلتفت إليهم أحد، وتمرّ أخبار موتهم عبر شاشات الغرب الذي يتعامل مع ظاهرة الإرهاب بازدواجية، فلا يبالي بها وهي بعيدة عنه تدمّر الدول وتحرق شعوبها، وكلّ ما يهمّه هو أن لا تمتد إليه ولا تمسّ بسلامة مواطنيه.
الإرهاب واحد سواء ضرب هنا أو هناك، وجرائمه يجب أن تدان مهما كانت جنسية الضّحايا، فالوجع واحد يشعر به كل من يكتوي بنيران هذه الظّاهرة التي نراها تخترق الحواجز والحدود، وتتخطّى كل الإجراءات الأمنية والاستخباراتية المتّخذة ضدّها لتضرب قلب أكبر العواصم العالمية، كما حصل في نيويورك قبل سنوات ولندن وباريس وبروكسل وسان بطرسبورغ.
الأكيد أنّ ازدواجية المعايير والتّمييز بين ضحايا الإرهاب، لن تقود أبدا إلى كبح جماحه، بل على العكس تماما، فالغرب الذي يملك أكثر من غيره المقدرة المادية والاستخباراتية لمواجهة الدّمويّين، يجب أن لا يحصر مهمّته الأمنية في حماية أراضيه ومواطنيه، ويكتفي بدفن رأسه كالنّعام حتى لا يرى الويلات التي يتكبّدها غيره، بل من جذوره في مناطق تغلغله، فبهذا فقط يضمن أن لا يصله إلى عقر داره، وبهذه الطّريقة والعزيمة يمكن ربح الحرب على الإرهاب التي نراها تترنّح أمام مدّ دموي متصاعد أصبح لا يميّز بين الدول كبيرها وصغيرها، ولا يفرّق بين الأجناس والأديان فالكل أصبح سواء في مرمى ضرباته القاتلة...
إنّ الحرب على الإرهاب لن تحقّق أبدا أهدافها، إلاّ إذا أدرك العالم أجمع بأنّ أحدا لم يعد في منأى عن سكاكين ومفخّخات الدّمويّين، وإلاّ إذا وحّد جهوده وتوحّد حول قرار واحد، وهو وضع حدّ لهذا الكابوس الذي حوّل حياة شعوب كثيرة إلى جحيم حقيقي.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19524

العدد 19524

الإثنين 22 جويلية 2024
العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024
العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024