قال رئيس الاتحاد السوفياتي السابق ميخائيل غورباتشوف، أن الوضع العالمي الحالي يحتوي على عناصر حرب باردة جديدة، أبرزها اللهجة المستخدمة من قبل السياسيين وقادة الجيوش والمولعة أكثر بالحرب، ثم صعود المذاهب المتطرفة وإذكاء وسائل الإعلام، عن قصد أو عن غيره للتوترات من خلال نشر الأخبار التي تصعّد العلاقات بين القوى العظمى وتدفع العالم اليوم إلى حافة حرب جديدة.
في الواقع كلام الرئيس الذي تفجر في عهده الاتحاد السوفياتي واندثر الى جمهوريات جذب التيار الغربي الكثير منها إلى فلكه هو ملامسة للجرح الذي بات العالم يعانيه، فأينما تولي بصرك، ترى ما يؤجج التطرف والعنف والاصطدام المسلح حيثما تضع أذنك تسمع خطابات التطرف والإقصاء والعنصرية التي أصبحت للأسف الشديد تنخر الكثير من المجتمعات المتقدمة، وتدفع إلى تأجيج روح العداء والانتقام، ما يفسر اندفاع الكثير من الأشخاص، خاصة الشباب منهم نحو التنظيمات الإرهابية والاجرامية، ليمارسوا طقوس عنف دموي لم تشهده البشرية من قبل.
نحن اليوم نعيش فعلا أطوار حرب باردة، تبرز ملامحها من خلال بؤر التوتر المشتعلة هنا وهناك، وللأمانة، فهذه الحرب لم تضع أوزارها يوما، حتى وإن كانت شهدت في السنوات الماضية بعض الهدوء لتستأنف بقوة، ما يحبس الأنفاس خشية تصعيد قد يقود إلى ما لا يحمد عقباه خاصة ونحن نرى عودة القبضة الحديدية بين الشرق والغرب، واحتدام سباق التسلح واستعراض العضلات.
الحرب الباردة التي حذر منها مُنظّر الغلاسنوست والبروسترايكا، هي اليوم في أوجّها، ورحاها تدور بالخصوص في سوريا التي حولها كبار العالم وأذنابهم الى بؤرة تقطر دما وإلى موقعة لتجربة أفتك الأسلحة التي تنتجها مصانع الغرب دون مبالاة بالأرواح التي تحصدها ولا بالآلام التي تصنعها.
ولا تبدو أطوار هذه الحرب محصورة في بلاد الشام الجريحة فقط، بل إننا نراها تندفع بقوة خارقة نحو شبه الجزيرة الكورية مستهدفة كوريا الشمالية المتمردة على أعراف كبار العالم الذين لا يريدون لغيرهم أن يملك سلاحا فتاكا بزعم أنه لن يحسن استخدامه، أما ما يفعلونه هم بقنابلهم وصواريخهم في بلاد العرب والمسلمين، فيعتبر أمرا عاديا وصائبا.
لاشك أن العالم اليوم هو على فوهة بركان حقيقي والحرب الباردة العائدة بقوة مرشحة لأن تدفع نحو مزيد من التصعيد والمواجهة، خاصة بعد دخول وسائط الاعلام الالكتروني على الخط وتحولها إلى وسيلة فتاكة لهذه الحرب المدمرة.