يساهم المثقف في تحريك المشهد السياسي كفاعل حقيقي عبر كل مناحي الحياة الاجتماعية للفرد، ولا يمكنه الاستقالة من المجتمع السياسي الا اذا شعر بتهميش او اقصاء يكون الخطاب السياسي يعنيه هو كفاعل محوري، لا كطرف هامشي في الساحة السياسية.
اوضحت العديد من التجارب دور النخبة ومدى استطاعتها في تجاوز الراهن المعقد، الراهن الذي لا يستجيب لمتطلبات الحياة.. الراهن الذي لا يحتكم الى النخبة من منظور العقل والفكر والإبداع فغيبت هذه الاصوات وابتعدت عن مدخلات العلبة السوداء ولن تكون بالضرورة مخرجاتها تحمل بصمتها.
الامر لا يبدو بعيد المنال لان بعض التجارب استطاعت تجاوز هذا الراهن وتمكنت من خلق خطاب تفاعلي تساهم فيه كل التشكيلات الحزبية والسياسية بمختلف مدارسها، ذلك لان المثقف سلطة تحتكم في قراراتها الى المنطق والرؤية، بعيدا عن غموض الثابت والمتحول لحظة اللجوء الى الفصل في قضايا الامة او ذات المصير المشترك.
وعبر مسار تاريخنا الحافل بالعطاءات والانجازات ظل صوت المثقف بعيدا كل البعد عن مصادر القرار السياسي سواء للتشكيلات السياسية او غيرها، وهو ابتعاد اكثر منه اغتراب، ان لم نقل هي استقالة غير معلنة من اي نشاط سياسي مهما كان نوعه، ماعدا بعض التجارب المتباينة والتي تعد على الاصبع، لا يمكن الاحتكام اليها في ظل افتقار هذه التجارب الى مرجعيات تحمل في ذاتها دلالات الوضوح والرؤية السليمة.
لذلك قلما نجد مساهمات قوية تمكنت من تغيير الراهن وحملت لواء الفعالية، فاغلب التجارب التي مررنا بها عبارة عن محاولات لا يمكنها تجاوز خطوط الهامش، لانها ظلت بعيدة عن السلطة واقصد «سلطة الثقافة»، وليس «ثقافة السلطة» التي هي تحصيل لهذه الثنائية، وكلما اقترب موعد الاستحقاقات ظلت هذه النخب المثقفة او الاصوات الفاعلة تغرد خارج اسرابها، اما انها لا تعترف بمكانتها في هذا الفضاء الجيوسياسي، او انها ترفض الانخراط في خطاب لا يستجيب الى تطلعاتها، وهذا الاخير فيه الكثير من المغالطات الثقافية والسياسية والاجتماعية.
الى متى يظل المثقف الصوت الصامت؟ الى متى يظل المبدع والفنان والممثل الحلقة المفقودة في مشهد سياسي يعج بكل الاصناف بما فيها تلك الزوائد الدودية في مجتمعاتنا؟ الى متى يظل هذا الفضاء بعيدا عن مشاركة مثقفينا وكتابنا ومبدعينا؟ متى تدق اجراس المحبة قلوبهم وينخرطون في المواعيد الانتخابية كفاعلين في التغيير وليس كم