أيّ مكانة يحتلها الإعلام في البحوث العلمية وأيّ دور يلعبه ليكون شريكا فعليا للتنمية المستديمة، يعرض اقتراحات حلول ويقدم رسائل منبّهة للأخطار والتهديدات بعيدا عن العمل تحت الطلب، والنظر إليه مجرد قنوات لتغطية الأحداث وإيصال المعلومة إلى المواطن في أية بقعة؟
إنها تساؤلات طرحت في منبر ضيف «الشعب» الذي فتح النقاش موسعا حول الإعلام والبحث العلمي في الاحتفالية بيوم العلم، بروح متجددة تعالج قضايا الساعة، تتوقف عند الاختلالات وتتخذ منها انطلاقة نحو التصحيح والتقويم دون السقوط في المرثيات وترديد العبارات المألوفة: كلّ ليس على ما يرام.
بحسب الدكتور عمار عبد الرحمان، الأستاذ بمعهد علوم الأعلام والاتصال بجامعة الجزائر 3، فإن الإعلام بإمكانه أن يكون قاطرة التغيير والتحول ولا يبقى حبيس النظريات والطروحات الأكاديمية، شريطة توفر الإرادة السياسية واعتباره قطاعا استراتيجيا لا يكتفي بنقل الأحداث من مصادرها فقط، بل صنع الرأي العام وتوجيهه.
أظهرت التحولات السريعة في عالم القرية الواحدة الشفاف أن الإعلام لم يعد سلطة رابعة مثلما قيل أيام زمان وردد على الألسنة وحفظ عن ظهر قلب. الإعلام تقدم بكثير في زمن التواصل الاجتماعي وصار أحيانا سلطة أولى يدير حروبا وصراعات جيواستراتيجية ويحذر أصحاب الحل والربط من اتخاذ قرارات تعاكس المصلحة العليا للدول ونفوذها في محيط مضطرب.
من مالي، ليبيا إلى أفغانستان، مرورا بسوريا وما تعرفه أوربا الشرقية وبلدان البلقان من اهتزازات ونزاعات تحركها القوى العظمى، بات الإعلام الحلقة المفصلية في إملاء ما يريد وتقديم الصورة التي يشاؤها، ضاربا أحيانا عرض الحائط أخلاقيات المهنة ونقاء الضمير ومصداقية الوظيفة.
رأينا في أكثر من حالات ومشاهد، كيف باتت الحروب تُدار في قاعات التحرير، وكيف تحول محللون إعلاميون إلى خبراء في الاستراتيجيات الحربية، يقارنون بين موازين القوى بين الجهات المتصارعة ويعطون نتائج وتوقعات.
رأينا هذه الصور تتكرر عبر الفضائيات، حيث يُستدعى محللون إعلاميون يقارعون منظري الاستراتيجات ويعاكسونهم الرأي، اعتمادا على رؤى ومقاربات مغايرة، معيدين إلى الأذهان المقولة: من ليس له إعلام لا سيادة له.
من هذه الزاوية، يحرص أساتذة الإعلام على أن يكونوا في واجهة الإعلام وينظر إليهم بعين الاعتبار، لا أن يتركوا على الهامش.
وذكر الأساتذة د.عمار عبد الرحمان، د.اعمر يوسفي ود. أحمد فلاق، بمناسبة يوم العلم، الذي أرادوه أن يكون مغايرا للتذكير بإنجازات العالم في الجزائر وإبداعاته وإفكاره، بأن هناك مساهمات قيمة لبحوث علمية أنجزوها في علاج تعقيدات الظرف، لكن لا تجد الاهتمام والرعاية من قبل الجهات المعنية.
الكثير من هذه الجهات تقفز على هذا المعطى والحقيقة وتستنجد بالأجنبي بحثا عن حلول لمشاكل قد لا تكون مجدية أحيانا.
مذكرات أنجزت حول العنف المدرسي، اختطاف الأطفال وانتشار الجريمة في شبكات التواصل الاجتماعي.
أطروحات دكتوراء نوقشت حول السمعي البصري، القنوات التلفزيونية الخاصة، وظائفها ومضامينها، دراسات حول الجمهور في الإعلام متعدد الوسائط في الزمن الرقمي الافتراضي تمت تحمل قيمة للمؤسسات، بقيت حبيسة الأدراج والرفوف دون استفادة المؤسسات والجهات المعنية منها.