مواصلة للحوار والتشاور الذي يعد قاعدة أساسية متبعة بين البلدين، يشرع الوزير الأول الفرنسي برنار كازانوف، اليوم، في زيارة عمل إلى الجزائر تدوم يومين. وهي زيارة يحرص عليها الطرفان لإمضاء اتفاقيات تعاون وشراكة أخرى، تعطي إضافة للعلاقات الثنائية التي كسبت دوما طابع الاستثناء والتميز، شدد عليه رئيسا البلدين عبد العزيز بوتفليقة وفرانسوا هولاند منذ 6 سنوات مضت.
كيف لا وهناك اتفاقات عقود وصفقات بين الجزائر وفرنسا، أضفت على علاقات الشراكة الاستراتيجية قوة وديناميكية يترجمها الواقع بثوابته ومتغيراته وتؤكدها المشاريع المنجزة وقيد الإنجاز. يضاف إلى هذه الحركية المسجلة على المستوى الثنائي، ما يحمله الطرفان من رؤية استشرافية لعلاج التعقيدات الإقليمية والدولية وتسوية النزاعات، اعتمادا على حوار تشارك فيه أطراف اللعبة المعنية ولا تقصى، مثلما تم في اتفاق السلام والمصالحة في مالي المتوصل إليه بعد جهود دبلوماسية جزائرية دعمت من باريس ومثلما هو جار حاليا مع الأزمة الليبية التي تلعب بلادنا الدور الحاسم والفاصل في مرافقة الأطراف نحو التوصل إلى تسوية سياسية بصفتها المدخل الآمن والمؤمن للاستقرار والوحدة الوطنيتين.
نذكر أن زيارة كازانوف هي ثالث زيارة لوزير أول فرنسي لبلادنا في ظل رئاسة فرانسوا هولاند.
سمحت كل هذه الزيارات للجنة الحكومية رفيعة المستوى، التي نصبها رئيسا البلدين، بإعطاء دفع أكبر إلى وتيرة العلاقات الثنائية والاتفاق على شراكة استراتيجية متوازنة تصب في فتح المجال واسعا للاستثمار المنتج ومرافقة مسار التنوع الاقتصادي، بتحويل التكنولوجيا وتعزيز المناولة ورفع نسبة الإدماج، مثلما يقوم به المتعامل في تركيب السيارات «رونو»، ضاربا المثل لرواد الصناعة الميكانيكية الآخرين الراغبين في الاستثمار ببلادنا، للسير على هذا الدرب.
نذكر أيضا أن آخر دورة للجنة الحكومية المشتركة رفيعة المستوى قد عقدت بباريس يوم 4 ديسمبر 2014 برئاسة الوزيرين الأولين سلال وفالس. وتبعت الدورة هذه باجتماع اللجنة المختلطة الاقتصادية الجزائرية - الفرنسية في أكتوبر الماضي بالعاصمة باريس، حيث أفضت لاتفاقات في مجالات النقل، الفلاحة والملكية الفكرية. وهي مجالات تكتسب فيها فرنسا تجربة تتطلع الجزائر للاستفادة منها في معركة تنويع الاقتصاد وتنافسيته بما يسمح لها بأن تجد البديل الحتمي للمحروقات التي تعرف اضطرابات وانهيارا في الأسواق العالمية، وصلت درجة تهدد المداخيل وما تحمله من آثار على استقلالية القرار والسيادة.
يجب الاعتراف بأن فرنسا من الدول التي لها وزن ومكانة في الاستثمار خارج المحروقات بالجزائر.
شركات كثيرة فرنسية فرضت نفسها، انفراديا أو عبر شراكة، في سوق الأعمال والاستثمار. منتزعة صفقات حيوية في مجال النقل، الصناعات الميكانيكية، الإسمنت، المياه والأشغال العمومية والمصارف وغيرها من قطاعات مفتوحة تحظى بالأولوية من الجزائر.