رغـم العراقيل

فضيلة دفوس
04 أفريل 2017

لا شك أنّ الاتحاد الإفريقي أصبح يقوم بدور كبير ومحوري في حفظ الأمن والسلم على مستوى القارة السمراء، وبات يسارع إلى أخذ زمام المبادرة لمواجهة كلّ مشكلة تواجه أي دولة من دوله، مصراّ على سدّ كلّ منفذ أمام من يستغلّون مآسي الآخرين لعرض تدخّلهم ومساعدتهم التي تكون في أغلب الأحيان مدفوعة بأجندات خاصة أو بتحقيق أهداف مدمّرة.
الاتحاد الإفريقي لم يعد اليوم ذلك المنتظم القاري الضّعيف أو تلك الهيئة التي لازالت تتحسّس طريقها وتبحث عن ماهية دورها وأهدافها، بل على العكس تماما، فهي قد تعاظمت مكانة وقوة، وأصبح العالم يحسب لها ألف حساب ويعتبرها شريكا لا يمكن الاستغناء عنه.
بعد 54 سنة من إنشائه تحت اسم منظمة الوحدة الافريقية، و15 عاما من تحوّله إلى الاتحاد الإفريقي، لم يكن أحد يتوقّع أن تتمكّن هذه الحاضنة التي تضم أكثر من 50 دولة من بلوغ الموقع الذي تحتله الآن، ولا أن تستوفي كل أهدافها التي رسمتها، بدءاً باستكمال تحرير كل بلدان القارة، مرورا بالحفاظ على أمن واستقرار شعوبها، ووصولا إلى إقرار التنمية والتعاون والتصدي لكل التحديات التي تحاول كبح الانطلاقة الإفريقية.
لا جدال - إذن - في كون المنتظم الإفريقي تجاوز مراحل التأسيس والبناء، وأصبح بهياكله ومفوضياته حاضرا في كل القضايا والأزمات، يسعى إلى تطويقها قبل أن تستفحل، وإلى حلّها كلّما تفجّرت وتحوّلت إلى نزاع دموي، وهو إن كان يعتمد على الحوار لتحقيق مبتغاه هذا، فإنه لا يتردّد في التهديد باستخدام القوة أو باللجوء إليها إذا اقتضت الضرورة.
كما يدرك الاتحاد الإفريقي جيّدا أن طريق السلام والأمن بالقارة السمراء يمرّ حتما عبر إقرار أنظمة حكم تختارها الشّعوب، ومن خلال بسط التنمية التي تعتبر في كل الأحوال نقطة الضعف الأساسية في إفريقيا ومصدر كل توتّر واصطدام.
لكن رغم كلّ جهوده ومبادراته، فثمّة عوامل قد تحدّ من الدور الهام الذي يلعبه الاتحاد الإفريقي، وتكبح تنفيذ مبادراته وبرامجه.
تتلخّص هذه العوامل، في العراقيل المالية التي تعترض سياسة إعادة البناء والتنمية ما بعد النّزاعات، رغم أنّ مفوضية الاتحاد طوّرت خطّة عملية لتبني هذه السياسة على الصعيدين الإقليمي والوطني.
لكن الاتحاد الافريقي يدرك جيدا خطورة العائق المالي على أداء مهامه، لهذا يسعى بكل جدّ لتجاوزه، ليس بطلب الدعم الخارجي، كما جرت عليه العادة، والذي أثبت فشله على اعتبار أن الغرب يأخذ دائما أضعافا مضاعفة لما يقدّم، وإنّما بالاعتماد على مصادر تمويل إفريقية، كالمجموعات الاقتصادية والآليات الإقليمية والمجتمع المدني والقطاع الخاص، فهذه المجموعات والآليات مؤهّلة للعب دور مركزي في سياسة إعادة البناء والتنمية بعد النزاع، نظرا لقربها الجغرافي ومعرفتها لما تحتاجه البلدان الخارجة من الأزمات.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19634

العدد 19634

الأربعاء 27 نوفمبر 2024
العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024