بعيدا عن الأعين

جمال أوكيلي
03 أفريل 2017

العلامات التّجارية للمواد الغذائية واسعة الاستهلاك والمنتوجات الكهرومنزلية والألبسة والمستحضرات والعطور وغيرها لا تخلو منها أسواقنا ومحلاّتنا بكميات هائلة معروضة على الرّفوف أو على الأرصفة، نتساءل عن منشأ ومصدر هذه الوفرة تارة بأسعارها المدهشة، وتارة أخرى بمواصفاتها العادية التي تعطي الانطباع بأنّها تحمل مكوّنات تركيبتها  المثبتة، والواقع غير ذلك.
لا نود  تناول هذا الملف من زاويته الاقتصادية البحتة، لأنّ ذلك سيؤدّي بنا إلى السّقوط في مطب تقديم مادة دسمة تكون صعبة الفهم، وإنما الخيار المراد السّير عليه هو طرح المشكلة أو الظّاهرة كواقع يومي في الممارسات التّجارية.
فمن الصّعوبة بمكان التحكم في تداعيات المواد المقلّدة نظرا لعدة اعتبارات أهمّها أنّها تصنع في أماكن بعيدة عن أعين المراقبة، زيادة على تهريبها ليجدها المستهلك في فضاءات بيع سواء ذات الطّابع القانوني أي الشّرعي أو غير ذلك، إلاّ أنّها حاضرة في الدائرة التجارية بدليل أنّ الجهات المسؤولة أو المعنية لا تتوانى في ملاحقة أو بالأحرى حجز كل ما يثبت بأنّه مخالف للقواعد والمقاييس المعمول بها تجاريا.
في هذا الإطار، أحالت مصالح الأمن ٧٣ ملفا متعلّقا بالملكية الصّناعية على العدالة، مع عرض ٩٢ منتوجا مقلّدا على النّيابة العامة، يشمل القهوة، العجائن، المواد الدسمة، العسل، التبغ، المنظّفات وغيرها من المواد الأخرى ذات حساسية كبرى  لا تخضع  للأسف للمعايير الصارمة.
استنادا إلى هذه الجهات المطلعة، فإنّ هذه المواد المقلّدة تحتوي على إضافات عالية من المعادن الثّقيلة السّامة والمسرطنة، وكذلك تحمل جراثيم بكميات هائلة، تعد خطرا على صحة الإنسان في حالة التّعامل معها إن كانت صلبة أو تناولها إن كانت موجّهة للاستهلاك.
في هذا السياق، يوجد إحصاء دقيق لدى الجمارك عبارة عن قوائم واسعة للمواد المقلّدة، وهذا من كل الأجهزة الإلكترونية والقطع الميكانيكية، والأحذية الرياضية ومواد التّجميل، مصنّفة وفق ترتيب ترميزي يشير مباشرة إلى أنّ تلك السلعة لا تخضع  للشّروط المتبعة في الانتاج.
كما توجد دوائر أخرى تحذّر من استعمال أدوات منها صندوق العدّاد الفردي وكوابل الموصلات كونها لا تتطابق مع تلك المستعملة رسميا.
وتبعا لذلك، فإنّ المساعي الرّامية إلى الانضمام لمنظمة التّجارة الدولية، تستدعي كذلك حماية العلامات التّجارية ذات السّمعة العالمية، لأنّ الكثير من البلدان تتصرّف فيها، وهذا باستبدال “الحرف” الأصلي بحرف آخر ممّا يشوّه التّسمية، وهذا ما هو وجود في هذه التّعاملات، وبإمكان أي واحدة منها أن تطالب بالتّعويضات حماية لصيتها عالميا، كما أنه هناك ألبسة تحمل علامات لا علاقة لها بتلك الأصلية، ناهيك عن سعرها المنخفض إلى درجة الدنيا.
وبالتّوازي مع ذلك، فإنّه من الصّعوبة بمكان مراقبة هذا الانتاج الغزير عندنا بسبب الأسواق الموازية، لذلك اختار البعض فتح محلات تروّج لمنتوجه استثنائيا بعيدا عن كل تشويش في دورة إنتاج معقّدة جدا، وشبكات توزيع متداخلة يصعب مراقبتها نظرا لقوّتها في الواقع.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19634

العدد 19634

الأربعاء 27 نوفمبر 2024
العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024