تلتئم اليوم بالعاصمة الأردنية عمّان القمّة العربية الـ ٢٨ في ظرف استثنائي تطغى عليه أجواء الإضطرابات والأزمات التي تزلزل أركان بلدان الرّبيع الدّموي منذ أزيد من ستّ سنوات.
وسيكون أمام القادة العرب جدول أعمال مكدّسا بالقضايا المعضلات التي تصطفّ متزاحمة وراء مسائل تنتظر الحلّ منذ عشرات العقود، كالقضية الفلسطينية التي تدحرجت إلى آخر المشهد العربي، وتراجع الاهتمام بها أمام زحف تسونامي الحروب الأهلية والنّزاعات الطّائفية التي حوّلت السّاحة العربية إلى بؤرة ملتهبة تأكلها النّيران في أكثر من دولة كالعراق، سوريا، اليمن، ليبيا، وأيضا تمدّد الخطر الإرهابي الذي بات يشكّل أكبر تحدّ للأمن القومي العربي، دون الحديث عن الخلافات والتّجاذبات التي أصبحت تتهدّد العلاقات الأخوية ما بين البلدان العربية والتّدهور الإقتصادي الماضي في التّنامي.
أهداف انعقاد قمّة عمان لخّصها الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط في مواجهة المأساة التي تتعرّض لها الكثير من الدّول من خلال إعادة تعزيز العمل المشترك ولمّ الشّمل وتسوية الخلافات، والعمل سويّة لإيجاد مقاربات سياسية لمختلف القضايا والتحدّيات المطروحة، وتسويتها في إطار الحاضنة العربية ومنظومة الحلّ المشترك بعيدا عن أي تدخّلات مشبوهة لجهات تعمل بشكل مكشوف على تنفيذ مؤامرة «الشّرق الأوسط الجديد»، الذي يرمي إلى تفكيك الوطن العربي وإعادة هيكلته في إطار «سايكس بيكو جديدة» .
كما نرى الخطاب العربي مدركا للأوجاع التي سكنت بلاد العرب، ويعرف جيّدا طريق العلاج الذي ينحصر بالأساس في سدّ الأبواب التي تتسرّب منها سموم المتآمرين القاتلة، لكن هذا الخطاب المفعم بالحماسة والمتدفّق بالعروبة، يبقى بلا معنى ولا جدوى إذا لم يطبّق على أرض الواقع، فكم هي القرارات التي تمخّضت عن القمم العربية السّابقة وبقيت حبيسة الأدراج يلفّها الغبار والنّسيان، لهذا وحتى لا تكون القمّة الـ ٢٨ مجرّد فرصة للتّلاقي وإلقاء الخطب والدّروس المجانية، يجب على القيادات العربية أن تعمل أوّلا على تضييق مساحة الخلافات ورأب الصّدع الذي نسف الصف العربي الواحد، وتبنّي مبادرات لتقريب وجهات النّظر حول القضايا المطروحة، وبلورة رؤى مشتركة لإخراج المنطقة من أتون الإرهاب والتفكّك، وإطفاء نار الفتنة المذهبية والطّائفية التي تحرق أكثر من دولة.
بالموازاة يجب العمل على دفع عجلة الاقتصاد والتّعاون المشترك، ففي كل الأحوال؛ الظّروف اليوم تحتّم على العرب تجاوز كل الخلافات والاختلافات والتوحّد حول موقف واحد لإنقاذ السّفينة العربية، وإخراجها من هذا المحيط الهائج إلى برّ الأمان.
فهل ستحقّق قمّة عمان الاستثناء؟
المهمّ تفعيل القرارات
فضيلة دفوس
28
مارس
2017
شوهد:338 مرة