يوجد المغرب اليوم بين فكي كماشة الأمم المتحدة والإتحاد الإفريقي قصد إجباره على إحترام الشرعية الدولية القاضية بتقرير مصير الشعب الصحراوي، لذلك انتقل الرئيس ابراهيم غالي إلى نيويورك وعقد مجلس السلم والأمن للإتحاد جلسة خاصة لإختبار نوايا هذا البلد في مدى إقراره بما ورد في ميثاق الإتحاد الإفريقي حول هذه المسألة العادلة.
فاللقاء السياسي الهام الذي جرى بين غالي وغويتريش له مغزى عميق، فقد جاء مباشرة عقب الضجة المفتعلة للمغرب إثر عودته إلى الإتحاد ليصطدم بواقع آخر لم يكن يدري عواقب آثاره المباشرة الناجمة عن إلتزامه الصارم بطرح الملف الصحراوي على بساط البحث أمميا وفق كل اللوائح التاريخية التي تطلب من المحتل تنظيم الاستفتاء حالا ودون أي تلاعبات أو مناورات.
ويكون الأمين العام الأممي قد إجتمع إلى صوت العقل والحكمة، أي إلى شخصية صحراوية محنكة عاشت كل مراحل نضال هذا الشعب ألا وهو إبراهيم غالي، وهذا باطلاع المسؤول عن آخر المستجدات على ضوء إستفزازات الكركرات وآفاق القضية بناء على التعنت المغربي الذي يرفض الإنصياع للقرارات الأممية، معتقدا بأنه هو البديل لهذا المنتظم الدولي ولا يوجد من يكبح جماعه ويرده إلى حجمه الحقيقي.
وعليه، فإن التقرير المزمع صدوره في نهاية أفريل سيكون مخالفا عما اعتاد عليه البعض من صياغة فقرات خفية إرضاء لذلك البلد ليخيط على مقاسه كما كان الحال في السابق، مما جعله دائما يسارع لتفسيره لصالحه وهو على علم بذلك بواسطة حلفائه المعروفين الذين يتحملون مسؤولية هذا التعطيل للأسف، نفس التوجه لاحظناه على قرار الإتحاد الأوروبي الأخير والإجتماع المباشر بين غالي وغوتيريش تؤكد حقائق سياسية لا مفر منها.
- أولا: إنها المرة الأولى التي سيدون فيها تقرير حول القضية الصحراوية في عهده الأمين العام الجديد بعد إستلام مهامه في مطلع جانفي المنصرم، وسيكون ما أبلغه به غالي حاضرا في حيثيات المعطيات، علما أن المبعوث الأمي اعتاد القيام بجولة في المنطقة قبل إعداد تقريره.
- ثانيا: السنة الحالية ٢٠١٧ هي القطيعة مع القوة المحتلة، وهذا من خلال مطالبتها بالإذعان إلى النداءات الأممية لتسوية القضية وهذا الخيار الصحراوي مازال قائما وساري المفعول، غير أن الخيارات الأخرى ماتزال مطروحة، ألا وهي تحرير الأرض كونها الورقة القوية للصحراويين على الصعيد الخارجي.
- ثالثا: المناورات الأخيرة للمغرب، باءت كلها بالفشل الذريع بعد أن أراد إيهام الرأي العام بخرجاته الإفريقية زيادة على وقوعه في أخطاء استراتيجية لا تغتفر دبلوماسيا عندما يتودد لدى البعض قصد إنضمامه إلى منظمات لا علاقة له بها بتاتا من كل النواحي.
- رابعا: مرحلة مابعد كل ذلك الصراخ عن الإتحاد الإفريقي يحتم على المغرب مواجهة الحقائق بعينها دون لف أو دوران لأنه انتهى ذلك العهد المبني على الأوهام، والتصلب في المواقف غير المجدية، أو الإختفاء وراء البعض باسم شعار ات شتى، في حين أن ما أقرته الأمم المتحدة والإتحاد الإفريقي هو المرجعية للتسوية.
وضمن هذا السياق العام الرامي إلى حل القضية الصحراوية إلتقى الرئيس الصحراوي مع رئيس مجلس الأمن الدولي البريطاني ماثيو ريكروفت لاطلاعه على مسار التسوية باقتراب مواعيد هامة.
هذا كله من أجل وضع المسؤولين الأمميين في الصورة الحقيقية لما يجري في الصحراء الغربية من احتلال غاشم، كما أن الأفارقة عازمون كل العزم على إمتحان نوايا المغرب في تعامله مع ميثاق الإتحاد الإفريقي فيما يتعلق بتقرير مصير الشعب الصحراوي فإنضمام هذا البلد إلى هذا الصرح لا يعني إعفاءه من إلتزاماته التي تحتم عليه الإنسحاب من الأراضي الصحراوية المحتلة مهما كان الأمر، وهذا ما تؤكد عليه نصوص عقد الإتحاد الإفريقي، فما عليه إلا احترام ذلك أو الطرد كونه مخالف لقواعد العمل، وغريب الأطوار أن يكون محتلا لأراضي غيره عضوا في اتحاد سيادي بني لبنة لبنة من طرف أبناء إفريقيا البررة، في حين كان هؤلاء غائبين.