لا يمكن نكران دور المرأة في عالم الاقتصاد والتنمية بفضل جهودها واصرارها ونجاحها تعليميا ومهنيا، وكذا تواجدها النشيط في دواليب الإنتاج مسجلة بصمتها على مستوى الأسواق المحلية وحتى الخارجية منها. وبالفعل صارت الحلقة المتينة على صعيد الدينامكية الاستثمارية والتنموية، بل ويمكن وصفها بالعنصر الفعال في تجسيد تحدي ترشيد النفقات، سواء على مستوى المؤسسة أو السوق وحتى داخل بيتها، عن طريق ترشيد نمط الاستهلاك العائلي سواء الغذائي أو الخدماتي.
إن المرأة شريك حقيقي، فقد تمكنت من تجسيد مفهوم الشراكة على مستوى خلية الأسرة، التي تشكل معيار قياس مدى تشبع الفرد بالثقافة الاقتصادية، وشريكة في عالم الشغل، إدراكا منها لمدى خطورة التحديات وأهمية الرهانات القائمة، ولذلك لم يكن غريبا أن تتواجد اليوم في عالم الاستثمار والإنتاج والتصدير بقوة وفعالية، حيث يمكن أن تكون الأكثر إدراكا بمسؤولية إنجاز الأهداف الاقتصادية على الصعيدين الجزئي أو الكلي، وسواء على مستوى الأسرة أو المؤسسة.
لاشك أنه بات من الضروري أن يسري هذا المفهوم الديناميكي على المرأة في الهضاب العليا والجنوب الكبير، حيث يوجد خزان كبير للمرأة الطموحة والمنتجة، التي يمكنها أن تساهم بشكل محسوس في إنتاج الثروة وتنمية الاقتصاد المحلي الذي مازال مادة خام غير مستغلة.. فمن يحرك هذه القدرات الكامنة ويمنحها الفرصة التي تنتظرها في وقت يجمع فيه كافة الشركاء على أن انجاز أهداف النمو يقتضي توسيع مساحة المشاركة في الاستثمار وتنويعه؟
وفي هذا الاتجاه ينبغي للمنظومة البنكية والآليات المرافقة، أن تتجه إلى هذا الخزان الكبير والمهم، من أجل إقحامه في النموذج الاقتصادي الجديد للنمو، من خلال تيسير الإجراءات وتبسيطها لإدراج المرأة بغض النظر عن المستويات التعليمية في الديناميكية الجديدة.
ويمكن من خلال هذه الخطوة إقحام الخزان النسوي في كافة ربوع البلاد في قلب المعركة التنموية، وذلك عن طريق تنمية المؤسسات المصغرة الأقل كلفة، خاصة في مجالات الفلاحة والسياحة والصناعة التقليدية، وعلى اعتبار أن التنمية الحقيقية والمكثفة والعميقة تأتي من عمق الجزائر، وأن الاكتفاء يكون من أبعد نقطة في أرض الجزائر.
وللمرأة مسؤولية وقدرات ووعي، حتى تشارك في مسار بناء الاقتصاد الوطني وتساهم في الإقلاع الاقتصادي، الذي يحتاج إلى وتيرة أسرع وإلى جل سواعد الجزائريين، فلا فرق بين امرأة ورجل، والجميع يقدم إضافة من موقعه سواء كان عاملا أو مسيرا أو مبتكرا.