هي المرأة التي رفضت الخنوع للطبيعة وخرجت تعمل يدا بيد مع الرجل لترويض قساوة الحجر، وبلمسة يدها الحنونة أعطت الأرض الروح لتخرج ثمارها وزرعها في أعالي الجبال والسهول والوديان، هي الشريفة التي تمرغت في فضلات وبقايا الحيوانات بالأمس فقط لينفر منها عملاء المستعمر عند دخولهم قصرا المداشر والقرى للتمشيط، هي العفيفة التي رفضت أن تكون سبِّيَةً أو غنيمة حرب في العشرية السوداء.
تلك العشرية التي أثبتت أن المرأة الريفية هي من حافظت على الحياة و البقاء في المناطق النائية، لأنها لم تخنع ولم تخف بل قاومت بحياتها وشجاعتها في إرسال أطفالها إلى المدارس ليتعلموا رغم بعدها عن المنزل، هي الفتاة أو الطالبة التي كانت تخفي كراريسها تحت ثيابها حتى تتمكن من بلوغ الثانوية أو الجامعة التي كانت تدرس بها.
المرأة الريفية هي الروح التي تسكن الأرض الخصبة لتبذرها حبا وشغفا بغدٍ أفضل، كانت لسنوات طويلة عنوانا للمعاناة والحرمان ولكنها اليوم السيدة الجسورة التي لم تشأ أن تكون رهينة المحيط الذي تعيش فيه، وانتفضت لتكون منتجة وقطبا يعتمد عليه لإحياء الفلاحة لتكون قوة اقتصادية، ولعلّ البرامج التي سطرتها الدولة من اجل إعطاء الأولوية للمرأة الريفية في تقديم المساعدات والإمكانيات اللازمة للمساهمة في دفع وتيرة الإنتاج الفلاحي بكل أطيافه خير دليل على ذلك، ما يجعلها شريك أساسي في التنمية المحلية والوطنية.
و لكن المرأة الريفية كما هي بحاجة الى إستراتيجية سياسية هي أيضا بحاجة إلى مرافقة إعلامية لأنها المرافق الوفي الذي يلعب دور الوسيلة الفعّالة التي تسلط الضوء على نشاطها وخطواتها الثابتة نحو التحرر من كل القيود الاجتماعية التي حولتها لسنوات طويلة مجرد ملكية تنتقل من الأب إلى الزوج، لأن العرف له قبضة قوية في المناطق النائية.
فغالبا ما تعيش المرأة الريفية في الظل على هامش الانجازات وان كانت السبب فيها.