إذا كانت نساء العالم الغربي المترف مبتهجات بمقدم عيدهن السنوي، لما يحظين فيه من دلال وما يحصلن عليه من هدايا وثناء، فإن نساء كثيرات أصبحن عاجزات حتى عن تذكّر هذا اليوم الذي اندثر من رزنامة حياتهن بعد أن هجرتها الأفراح والأعياد وسكنتها المآسي والأحزان.
اليوم، نساء كثيرات لن يحتفلن بعيدهن بعد أن ضاعت بين ثنايا أيامهنّ السّكينة والطمأنينة ولن تنتظرن كغيرهن من المحظوظات قنّينة عطر فوّاح أو وردة حمراء من قرين أو حبيب، لأن كل أملهن بات محصورا في حلم واحد وهو إستعادة الأمن وإطفاء نار الحروب التي تحرق أوطانهن وقلوبهن وأعيادهن..
نساء كثيرات أصبح همّهن الوحيد انفراج الوضع ببلدانهن التي إلتهبت بنيران الاحتراب الداخلي وسقطت في فخّ صراع أبناء الوطن الواحد على السلطة التي لا تتّسع في كل الأحوال إلاّ لشخص واحد، وبات أمل المرأة في سوريا، والعراق واليمن وليبيا، الخروج إلى برّ الأمان من أزمات تمدّدت واستفحلت مخلفة مئات الآلاف من الضحايا واللاجئين والمشردين وشرخ يتهدّد وحدة الشعب والأرض.
وحتى تكتمل فصول المأساة والمعاناة، دخلت التنظيمات الارهابية على الخط بعنفها ودمويتها لتتحول الحياة في دول «الربيع المريع» وفي بلدان كثيرة أخرى إلى جحيم حقيقي.
في الواقع، لا نريد من خلال وقفتنا هذه أن نزرع النّكد والألم في يوم من المفروض أن يكون للفرح وبعث الأمل، ونحن لا نضع أيّة نظّارة سوداء، فالوضع قاتم وليل الكثيرات داكن، لكن من واجبنا أن نلفت الانتباه إلى ما تعانيه المرأة تحت نير الاحتلال، ونفتح نافذة أمام العالم ليرى الانتهاكات والمظالم التي تطال الفلسطينية والصحراوية وندعوه ليكسّر صمته وينهي تواطؤه ويتدخل وفق قرارات الشرعية الدولية، لإعادة الحق إلى أصحابه، ومن واجبنا أيضا أن نستوقف الغرب المتعالي المتعجرف، نناشده الكفّ عن إهانة وصد أبوابه في وجه اللاجئات المستغيثات به، الفارّات إليه، ونحثه على معاملتهن بإنسانية، فهو مسؤول بشكل أو بآخر عمّا تعانيه أوطانهن من عنف وفوضى، ويكفي دليلا أن جحافل الدمويين كانت تنطلق من أراضيه تحت مسمى المقاتلين الأجانب والأسلحة التي تغذي نيران الحروب الملتهبة تخرج من مصانعه..
اليوم عيد، لكن فرحة نساء كثيرات واحتفالاتهن مؤجّلة إلى إشعار آخر، فالمرأة في الصومال ودولة جنوب السودان لم تعد تأمل إلاّ في قطعة خبز تنقذ حياتها من مجاعة تحدق بها، ونظيرتها في نيجيريا أصبحت في عين إعصار جماعة «بوكو حرام» الارهابية، التي لا تتردّد في خطفها وتحويلها إلى قنابل موقوته لتنفيذ عملياتها الاجرامية، والمرأة الروهانجية في ميانمار باتت غريبة ومضطهدة في بلادها بسبب انتمائها العرقي والديني.. واللاّجئة تعاني الويلات في مخيمات اللجوء والنزوح..
الصورة مأساوية لواقع الكثير من النساء والأمل معلّق على يوم يصحو فيه ضمير العالم ليعيد بهجة العيد وطعم الحياة لكل النساء.