يحمل اجتماع اللجنة الوطنية لتحضير وتنظيم الانتخابات التشريعة، اليوم، برئاسة الوزير الأول عبد المالك سلال، دلالة سياسية ومعنى يبعده عن الاعتبار البروتوكولي الظرفي. لكنه ترجمة دقيقة لالتزام السلطات بإجراء انتخابات وفق ما تفرضه المرحلة وما يستدعيه التغير والتحدي. وهي مسألة ما انفكت السلطات تدعو إليها وترافع لها في مختلف الفضاءات والمنابر، معتبرة الاستحقاقات محطة مفصلية في مسار استكمال الصرح الديمقراطي التعددي الذي تلعب فيه المعارضة دورا ولا تكتفي بالوظيفة التقليدية “خالف تعرف” .
يظهر هذا من خلال النصوص التشريعية الجديدة والآليات التي اعتمدت بناء على مضمون المراجعة الدستورية التي أعطت متنفسا أكبر لعمل المعارضة وحددت لها مسؤوليات في المشاركة في الصرح الديمقراطي التعددي ووسعت لها مهمة الإخطار والمراقبة دون البقاء أسيرة إرادة الأغلبية واحتكار القرار والتوجه.
على هذا الأساس كان تجاوب المعارضة مع هذا التوجه وقراءتها للمشهد السياسي المتغير ضابطة قوائم ترشح أعضائها اليوم مراهنة على أكفأ النخب وأقواها تأثيرا ونفوذا في استمالة الناخب الذي كثيرا ما اشتكى من طغيان المال الفاسد على الاختيارات ورهن إرادته وتطلعه نحو تكفل أكبر بهمومه وانشغالاته والنظر إليه كوعاء النتخابي ليس إلا.
اجتماع اللجنة الوطنية اليوم هي محطة أخرى في مسعى الحكومة مرافقة لإنجاح العرس الانتخابي في جزائر تسابق الزمن من أجل علاج تعقيداتها ومشاكلها اعتمادا على ما تتوفر عليه من كفاءات وموارد مالية في ظرف اقتصادي صعب.يأتي الاجتماع في وقت تنتهي فيه مهلة إيداع قوائم الترشح لأحزاب لم تكن دوما بردا وسلاما عليها فانتابت صراعات داخلية برفض أعضائها التنازل لحساب مصلحة عليا تستدعيها التشكيلة وهم يرون أنفسهم أحق من غيرهم بتبوأ رؤوس القوائم.
اجتماع اللجنة مهم للغاية لأنه ينظر في مسألة الاستعداد الانتخابي ويحدد احتياجاته المادية والأمنية قبل شهرين من المخاض. ويفحص عمل اللجان الإدارية الانتخابية والتغطية الإعلامية. وهي لجان تلقت دورات تكوينية أشرف عليها إطارات وزارة الداخلية الذين اهتموا بأدق التفاصيل حول ضمان السير الحسن لاستحقاق ماي المرتقب الذي أقسم الجميع أحزابا وسلطات تنفيذية على كسب رهانه لبداية عهدة تشريعية موسعة الصلاحيات والمهام لحقبة أكثر تعقيدا وأبعد أفقا تستدعي نواب في مستوى التطلعات.