حذرت القيادة الصحراوية من سياسة ربح الوقت، وإيهام الرأي العام العالمي التي يعتمدها المغرب حاليا تجاه أحداث الكركرات بعد أن إدعى إنسحابه، في حين أنه انتقل من مكان إلى مكان آخر فقط، وهذا ما يتناقض تماما مع ما ورد في بيان الخارجية المغربية، الذي جاء مليئا بالأكاذيب والإدعاءات الباطلة التي لا أساس لها من الصحة، وإنما لذر الرماد في العيون.
والمعركة الدبلوماسية كسبها الصحراويون بامتياز بعد أن تبين للمجموعة الدولية بأنه لا يحق للمغرب مهاتفة الأمين العام الأممي بخصوص منطقة صحراوية، توجد بها قوة محتلة، ولا يمكن بحال من الأحوال الحديث عن الكركرات من قبل المغاربة لأنها أرض صحراوية وطلائع الصحراويين لهم كل الحق والمبادرة في اتخاذ الذي يرونه مناسبا لطرد هذا المحتل.
حادثة الكركرات لا ندرجها أبدا في خضم ما يسعى المغرب لرفعه خارجيا، هذا أمر مرفوض جملة وتفصيلا، ولن يقبل به لأن شغله الشاغل هو البحث عن الدعم السياسي من طرف حلفائه الذين أبدوا تخوفهم تجاه انزلاق الأوضاع هناك، وتناسوا هذا الشعب الذي يعاني في صمت الويلات في العيون وفي مدن صحراوية محتلة أخرى.
وهذا الإحتلال القائم منذ مسيرة العار يتحايل على السيد غوتيريش عندما أعلن إنسحابه، في حين أن اعترافه بالإنسحاب من نقطة صحراوية محتلة، يعرضه إلى تداعيات لا يقدر مداها، وهي البدء في مرحلة الانسحابات المتتالية من الصحراء الغربية، كما أنه يخفي حقيقة مفادها أن الصحراويين هم الذين طردوه دفاعا عن وطنهم المفدى، الذي لا بديل عنه مهما كانت التضحيات.
ويدرك المغرب جيدا بأنه دخل في وضع قد يكلفه ثمنا باهضا ويضرّ به كثيرا إن تمادى في طروحاته التوسعية، وخزعبلات أخرى، الوحدة الترابية، وغيرها من الكلام الفارغ، المعد للإستهلاك.
والحكمة السياسية التي تتمتع بها القيادة الصحراوية تستحق كل الإشادة والتقدير والاحترام كونها ملتزنة إلتزاما قويا بالقرارات الأممية في هذا الشأن، وتتواصل باستمرار مع المسؤولين على هذا المستوى، وتخطر الجهات المعنية لحظة بلحظة بخصوص المستجدات والتطورات حتى تكون الصورة واضحة لدى الجميع، بدحض كل ما يقال هنا وهناك.
وقمة هذا الوعي في تنامي ينجز على اتجاهين، الأول العمل بدون كلل على إبلاغ الأمم المتحدة بأنها مطالبة بالإسراع في تنظيم الاستفتاء بالصحراء الغربية وتحريك الوضع باتجاه المسعى الإيجابي اللائق المبني على الحق، أي العودة إلى القرارات واللوائح الأممية في هذا الإطار، والتمسك بها كمرجعية ثابتة، والثاني أن القيادة الصحراوية الحكيمة تتمتع بحس عال في التعامل مع الحركية التي تشهدها القضية الصحراوية وهي لا تستبعد أي خيار يفرض نفسه في خضم ما يجري.
فبعد ٤١ سنة من تأسيس الجمهورية الصحراوية يقف هذا الشعب صامدا في وجه كل المحاولات الرامية لتهميشه وإبعاده عن أرضه، وهذا بالإنتقال من الانتفاضة السلمية المتبعة إلى تحرير الأرض، ولا يوجد غير هذه القناعة التي تعيد كل واحد إلى حجمه الحقيقي ويكف عن التطاول على الآخرين.
ولابد من التأكيد هنا بأن حادثة «الكركرات» كشفت الوجه الحقيق للمحتل المغربي في التلاعب بالمجموعة الدولية وهو المسار الذي إعتاد عليه منذ غزوه لهذه الأرض ربحا لمزيد من الوقت والتأثير على البعض من الأطراف بخطاب أكل عليه الدهر وشرب، ولم يعد صالحا في الوقت الراهن.
ولن يتنازل الصحراويون أبدا عن حقهم في إسترجاع سيادتهم الوطنية، وكل الأجيال المتعاقبة خاصة منذ ١٩٧٥ عازمة كل العزم على تحرير الأرض مهما كان حجم التضحيات.