حملت الاحتفالية بالذكرى المزدوجة 24 فيفري، رؤية استشرافية لمواجهة طوارئ الآتي وتحدياته دون التوقف عند المكاسب والإنجازات التي تحققت بالعرق والدم وكرستها نضالات عمالية منذ زمن بعيد استجابة لإرادة سياسية غايتها تشييد جزائر الأمل والانتصارات، مثلما حلم بها الشهداء وأقسموا بالتضحية في سبيلها.
هي نضالات ازدادت قوة وتلاحما أثناء الصعاب والمتاعب التي عرفتها الجزائر في مختلف المراحل، تخوض تجربة استكمال السيادة وتعزيز القرار السياسي المستقل.
تجلت مقاومة العمال وصلابتهم التلقائية دون انتظار قرارات فوقية في العشرية السوداء، ممكنة الجزائر من الوقوف على رجليها وصمودها في وجه التراجيديا الإرهابية وعزمها على بناء ذاتها اعتمادا على أبنائها ومؤسساتها.
هذه المقاومة التي أبقت المؤسسة الجزائرية تواجه الرياح العاتية وتنتصر على عصابات الجريمة المنظمة ووصفات “الأفامي” المدمرة بعدها، هي التي تستحق الإشادة والتنويه. وتبقى على الدوام محل افتحار في ذكرى تأميم المحروقات وتأسيس الاتحاد العام للعمال الجزائريين وعيد الطبقة الشغيلة وغيره. هي تبقى محل تنويه، اعترافا بالطبقة العمالية، مدرسة الوطنية بلا منازع والنضال الأبدي والتطلع إلى المستقبل متخذة من الرواد منهجا لها يتّبع ورسالتهم عربون وفاء لا يقبل المساس والتنازل والمساومة.
على هذا الدرب سارت آراء المتدخلين في احتفائية الجلفة وانصبت الاهتمامات مرافعة من أجل استكمال مسار البناء الوطني عبر تعزيز المنظومة الاقتصادية التي تلعب فيها المؤسسة دور الحسم في إنتاج الثروة وتوفير الشغل والقيمة المضافة دون اتّكال على الريع النفطي غير الآمن في محيط مضطرب وحسابات الشركات الاحتكارية صاحبة الحل والربط في السوق البترولية.
ما حدث خلال السنوات الثلاث الأخيرة من انهيارات في سعر البرميل، تعد أمثلة حية ومحطة فاصلة وحاسمة يتوجت الاستلهام من درسها والانطلاق منها في معركة تعزيز المنظومة الاقتصادية برفع الإنتاج المحلي والرهان على التصدير بصفته المخرج من الأزمة إلى بر النجاة.
من هذه الزاوية تحركت الجزائر واتخذت التدابير الكفيلة بمواجهة أزمة مالية منجرة عن انهيار نظام اقتصادي عالمي. اتخذت تدابير احترازية، غايتها الانطلاق في مشاريع استثمارية وتدابير تجعل من المنتوج الوطني المتوفر على مواصفات النجاعة والمقاييس سيدا في فرض نفسه دون لومة لائم أو الخشية من أحد مثلما تضمنه قرار تأميم المحروقات المشدد على بسط السيادة على ثرواتنا اليوم، غدا وأبدا.
دروس الأزمة
فنيدس بن بلة
24
فيفري
2017
شوهد:430 مرة