مغالطات انفضحت، ألاعيب انكشفت وأقنعة سقطت

سعيد بن عياد
20 فيفري 2017

تشعر أوساط عديدة من وراء البحر، تعاني من عقدة التاريخ، بقلق وانزعاج غير مبررين من تميز الجزائر بالاستقرار والسكينة مواصلة مسارها على طريق التنمية بالرغم من تداعيات الصدمة المالية الخارجية. ويزداد غيض أولئك لما تتحول الجزائر وسط عالم ملتهب في أكثر من جهة إلى عاصمة للمصالحة بين الإخوة الفرقاء في ليبيا وقبلهم في مالي ومفترق طرق للمتعاملين الاقتصاديين والمستثمرين من العالم العربي وآسيا وباقي القارات تتقدمهم إفريقيا التي كلما ضاق بها الأفق تتجه إلى الجزائر لتجد اليد الممدودة تساعد بكل ما أوتيت به من طاقة وإمكانيات من أجل رفاهية شعوب القارة وإحاطتها بمناخ من السلم والأمن.
ويتجدد في ذكرى اليوم الوطني للشهيد العهد مع الخيار الثابت لخدمة السلم والتنمية من أجل تخليص العالم من التهديدات التي تعيق تطور شعوب البلدان السائرة في طريق النمو في ظل مناخ من الثقة في الحوار ضمن القواعد التي كرستها المجموعة الدولية منذ الحرب العالمية الثانية وتحرص الأمم المتحدة على تجسيدها وفقا لحق تقرير المصير لآخر المستعمرات مثل الشعب الصحراوي والشعب الفلسطيني وحماية الدولة الوطنية من خطر الإرهاب بما يفسح المجال بالتدريج أمام إرساء الديمقراطية ضمن خصوصيات الشعوب المختلفة الألوان والثقافات والمشتركة في الآمال والتطلعات.
بالتأكيد سوف تتبخر أحلام أولئك المصابين بأوهام ورثوها عن أبائهم الملطخة أيديهم بدماء أبناء الجزائر الذين نهضوا خلال الحقبة الاستعمارية فكسروا الأغلال ليخوضوا غمار ثورة بطولية نادرة في التضحية والإقدام إلى أن تحقق الهدف باسترجاع السيادة الوطنية واستكمالها تباعا بمواقف ثابتة لا تخضع لحسابات ظرفية ولا تهتز تحت أي طارئ. وهم أعلم من غيرهم أن الشعب الجزائري واجه في مراحل محددة طوفان الإرهاب ولم ييأس وعانى في فترات من أزمة اقتصادية خانقة ولم يخضع، مفضلا مواجهة مصيره بتحمل وصبر وأمل تكلّل بإنجاز المصالحة الوطنية ممزوجة بمشروع تنموي ضخم يشكل اليوم جدارا منيعا أمام الأزمة البترولية.
وسوف تتزايد اليوم أكثر من أي وقت مضى قوة اللحمة الداخلية لحماية المكاسب المحققة جيلا بعد جيل في كل الميادين، وذلك بتجاوز الخلافات الحزبية في ظل تجسيد الديمقراطية بالمعايير الدقيقة لممارسة حرية الرأي والاختيار. ولن يمكن إطلاقا للمتربصين ببلادنا، من قريب أو من بعيد، النيل من عزيمة وإصرار الشعب الجزائري القادر على إحباط كل مناورة مهما كان مصدرها، وإفشال كل مخطط مهما كان ملتويا، ذلك أن المغالطات انفضحت والألاعيب انكشفت والأقنعة سقطت تحت أنوار الشفافية والوضوح.
لقد عصفت رياح ما يدعى بـ»الربيع العربي» الغادر بأوطان وشردت شعوبا وحطمت أحلامها تحت شعارات براقة ومخادعة، تسللت من ورائها مشاريع تدميرية في أكثر من بلد هي اليوم رهينة مصير مجهول وتتطلع لإدراك بر الأمان. ولا يمكن بأي شكل من الأشكال أن تنطلي تلك المشاريع الجهنمية على الشعب الجزائري المتميز بخصوصية أصيلة تؤهله لمواصلة مسيرته في البناء والتنمية على كافة المستويات وفي كل المجالات في كنف السلم والسكينة والهدوء ممارسا حقوقه المكفولة في الدستور بكل حرية ومسؤولية تحلم بها كثير من الشعوب المغلوبة على أمرها.
إن مواجهة إفرازات العولمة وتأمين الحريات والحقوق الأساسية المكفولة في النصوص والمواثيق الوطنية يتقدمها الدستور الجديد، تكون أكثر نجاعة وفعالية بالتوجه بقوة إلى العمل والحرص على رفع التحديات وإبعاد عن الذهن كل ما من شأنه تثبيط العزائم وكسر الإرادة مهما كانت الصعوبات اليومية والعراقيل المصطنعة. ولنا في السلف الأصيل الذي تشبع بخطاب الأمل وتسلح بقوة العمل أجمل صورة نقية للموقف في تغيير مسار التاريخ المزيف فصحح اتجاهه في الخمسينات وفي جيل البناء والتشييد الذي لم يبخل بالجهد والعرق خير مثال في الثبات أمام الشدائد ومواجهة الظروف الصعبة بالوحدة الوطنية الشاملة والتنافس في خدمة الوطن الذي يقطف كل واحد من أبنائه ثمرة من ثمار التنمية.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024