المؤشرات الأولية تؤكد بما لا يدع مجالا للشك، أن الفتور الذي ساد العلاقة بين إسرائيل وإدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما أصبح من الماضي، وها هي واشنطن وكيان الاحتلال الصهيوني يقلّبان الصفحة ويفتحان أخرى ليخطّا عليها خريطة طريق جديدة لتمتين علاقتهما التي كانت على مرّ السنين متميّزة بل ومنحازة بشكل واضح وصريح، فأمريكا كانت على الدّوام الظهر والصدر الذي يحمي إسرائيل من أي حساب أو عقاب، منذ ان اغتصبت عنوة أرض فلسطين ، قبل نحو سبعة عقود، ولم يدّخر رؤساؤها جمهوريون أم ديمقرايون جهدا لسدّ منافذ الشرعية الدولية أمام القضية الفلسطينية التي تصطدم في كل مرة بجدار الانحياز والتواطؤ الأمريكي المقيت.
وقد شهدنا في نوفمبر الماضي، كيف أن أحدا لم يفرح ويهلّل لفوز الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، كما فرح وهلّل الإسرائليون، وردّ الفعل هذا لم يكن مفاجئا بالمرّة، بل على العكس تماما، حيث كان متوقّعا بالنظر إلى عبارات الغزل والدّعم التي أطلقها الرّجل المثير للجدل خلال حملته الانتخابية.
ترامب لم يلبس قناعا كما فعل من سبقه إلى البيت الأبيض، ولم يحمل العصا من الوسط، بل أبدى بشكل واضح أنه في صفّ إسرائيل، حتى أنّه اخترق المحظور ووعد بنقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس.
وقبله لم يتجرأ رئيس أمريكي حتى أكثرهم تشدّدا وانحيازا لكيان الاحتلال ـ كبُوش الابن الذي ألهب الشرق الأوسط ـ على نقلها أو حتى تقديم وعدٍ بهذا الخصوص.
كما أبدى ترامب الذي تعهّد بأنه سيكون أفضل صديق حظيت به إسرائيل على الاطلاق في البيت الأبيض، مواقف متسامحة وليّنة من مسألة بناء مزيد من المستوطنات، وهو ما شجّع حكومة نتنياهو على إطلاق عدة مشاريع في هذا الإتجاه، بل وامتدّ بها الأمر إلى تبنّي قانون يشرعن سرقة الأراضي الفلسطينية ضاربة عرض الحائط بقرار مجلس الأمن الأخير الذي يأمرها بوقف الاستيطان، والذي لأول مرّة لم تجهضه أمريكا بالفيتو، حيث امتنعت عن التصويت.
يد ترامب الممدودة إلى اسرائيل ستكون أيضا محمّلة بالمساعدات المالية والعسكرية التي لا يتصوّرها العقل، وستكون حاضرة في كل الهيئات الدولية لصفع أي أحد يحاول أن ينصف الفلسطنيين، وخير مثال الاعتراض الأمريكي على تعيين رئيس الحكومة الفلسطينية السابق سلام فياض كممثل أممي في ليبيا.
كل هذه الحقائق، مؤشرات عن مرحلة صعبة قد تواجهها القضية الفلسطينية، ما يحتّم على الفلسطينيين توحيد صفوفهم للوقوف رجلا واحدا لمواجهة أي طارئ.