الصرح الجامعي ليس منارة للتعليم والبحث الأكاديمي أو لتقديم البحوث وإلقاء المحاضرات وممارسة شعائر المنظومة البيداغوجية فقط، بل هو في الحقيقة أبعد من ذلك بكثير خاصة مع ما يشهده العالم اليوم من طفرة نوعية على مستوى النظم الأمنية الاستباقية أو السبريانية.
الجامعة اليوم هي حلقة تضم كل أطياف المجتمع بمختلف ميولاته ويمكن للطالب أو الأستاذ فيها ما لا يمكن لغيره، على سبيل المشاركة في النشاطات العلمية والفكرية أو حتى في ميدان البحث أو التنظير، في قضايا راهنة تطرح دوما تساؤلات حولها، فدورها اليوم في ظل العولمة لا يعني أن تكون مجرد قاعات تفتح أبوابها وتغلق ساعات الدوام، وإنما عليها اليوم مسؤولية كبيرة، للمساهمة في التنظير للمقاربات الأمنية التي لم تصبح حكرا على المؤسسة الأمنية أو الثكنة العسكرية فقط .
إن دخولها إلى ميدان الدراسة والتنظير في المقاربات الأمنية والدفاعية هو تقاسم للأدوار التي كانت في يوم ما حكرا على المؤسسات العسكرية دون غيرها، وهنا أفتح قوسا لأقول، حتى يكون الفرد فاعلا حقيقيا في اختيار منظومته الأمنية، عليه أولا الشعور بالانتماء لهذا الحيّز الجغرافي الذي يعيش فيه .وأن تكون مسوؤليته داخله مسؤولية أخلاقية قبل أن تكون إلزامية بموجب هذا الانتماء.
إن الحديث عن الأمن الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والثقافي والبيئي هي مسؤولية مشتركة بين الأفراد والجماعات، ومنطلق هذه المسؤولية يجعلهم في نفس الجبهة ونفس التخندق الدفاعي عن قيم الأمة وتاريخها وحضارتها وسيكون هذا الذود عن قيم الأمة أسمى هذه المعاني والأسس.