إنه التحدي الكبير الذي رفعه الجيش الوطني الشعبي في مسعى الدفاع الوطني وتأمين الجزائر من كل الأخطار. تحدّ ذكّر به ضباط الجيش في أكثر من موقع وجدد التأكيد عليه خبير سلاح هندسة القتال، المقدم بن عثمان وهاب، من منتدى «الشعب»، مقدما صورة دقيقة عن الجهود المضنية المبذولة في هذا الشأن من قبل أفراد المؤسسة العسكرية على مدار 53 سنة.
قدم المقدم شروحا مستفيضة عن الإنجاز التاريخي للجيش في نزع آخر ألغام المستعمر الفرنسي الذي لم يكلف نفسه عناء تسليم الجزائر خارطة تساعدها على تطهير المساحات الفسيحة عبر الحدود الشرقية والغربية من دمار الموت، تركها المستدمر هدية للجزائريين غير هاضم الاستقلال المنتزع بالدم والدموع.
وراح بلغة المختص المدقق في الأرقام والحسابات يصول ويجول عبر خريطة الجزائر في كشف حقائق، لأول مرة، عن المهمة الجبارة التي أداها أفراد الجيش بتفان واحترافية، اعتمادا على الذات دون اتكالية على وثائق أرسلتها فرنسا متأخرة، كاسبين الشهرة والاعتراف الدولي والمصداقية.
وزاد في قيمة هؤلاء ورفع شأنهم، العمل بهدوء بعيدا عن الأضواء والتباهي، كاشفين عن تجربة جزائرية تستحق الإشادة والتوقف عند جدواها وأهميتها. والأرقام التي تتكلم أصدق أنباء...
8854849 لغم دمرت عن آخرها في ظرف 53 سنة.
62.421 هكتار من الأراضي المطهرة التي تحولت من مناطق مهجورة تقتل الأبرياء بلا توقف وفي أية لحظة، إلى مساحات تدب فيها الحركة وتنبض بالحياة والأمل.
لم توقف التضاريس الصعبة والأحراش الوعرة والحواجز الطبيعية والمعازل عبر خطي شال وموريس الجهنميين، عزيمة مفارز سلاح هندسة القتال التابعة لقيادة القوات البرية في مواصلة المهمة باحترافية، متحملة مسؤولية إنهاء الكابوس المفزع الذي أرق السكان وألحق بهم الأضرار البليغة اجتماعيا، اقتصاديا وإنسانيا، سائرة على درب من أقسموا بتطهير البلاد من مخلفات مستعمر تجاوز الحدود والمعقول في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية بالجزائر، ويتباهى جلادوه ويفتخرون بذلك في مذكراتهم، ساعين لتبييض وجه المستعمر الأسود بالادعاء الخاطئ أنه حمل إلى الشعوب رسالة تمدّن وتحضر.