«ربّ ضارة نافعة»، قد يكون المثل السليم بالنسبة لحالة الفريق الوطني لكرة القدم الذي غادر مبكرا المنافسة الإفريقية للأمم وسط استغراب واندهاش الخصوم أنفسهم قبل الأنصار. ولا ينبغي الغرق في أوحال الأزمة واختزالها في جوانب محددة بتحميل المسؤولية لطرف دون آخر، إنما الوجهة المطلوبة أن يشمل النقاش حالة البطولة الوطنية لكرة القدم بمختلف جوانبها من الأداء إلى أساليب تسيير البطولة مرورا بالتحكيم والأكثر خطورة أجور اللاعبين التي لا تعكس حقيقة وقيمة عناصر ضخمهتم بعض وسائل الإعلام.
يبدأ الإصلاح من إعادة ترتيب بيت «الفاف» على أسس شفافة بإشراك كافة المعنيين بعيدا عن ممارسات أظهرت محدوديتها. وينطلق مسار الإصلاح الهادئ والمتبصر من إعادة صياغة ورقة طريق احترافية بقدر الإمكانيات والوسائل للنهوض بالبطولة الوطنية بكل مستوياتها وبالموازاة مراجعة نظام بناء الفريق الوطني على معايير علمية ودقيقة يشمل مختلف جوانب العملية من انتقاء المرشحين للتدريب واللعب وأولها الكفاءة والولاء للألوان الوطنية والعطاء في الميدان بدءا من الالتزام بالتدريب والصدق في الميدان خاصة بإفريقيا. لذلك الأولوية في حمل القميص الوطني لكل من لديه الجاهزية في حين المنافسة ولمن تكون لديه المبادرة بحيث لا يبخل في البذل إلى أقصى درجة وممن ثمة لا مجال لأي تلاعب بالمجاملة أو تفضيل من تصنع له بعض القنوات صورة وهمية أو من يتسلل عبر مسالك لأصحاب نفوذ.
إن أول الإصلاح يكون من وضع حجر أساس لقانون داخلي يحكم إطار الفريق الوطني بما في ذلك واجب الالتزام الدائم والسلوكات داخل التشكيلة في كل المحطات من التدريب إلى اللعب في المنافسة مرورا بالسيرة العامة مثل اللباس والهندام والتعامل في سوق الإشهار الذي ينبغي أن يكون لفائدة الفريق الوطني.
إن إيرادات الإشهار في مثل هذه الحالة ينبغي أن تؤول إلى صندوق تضامن بروح المواطنة لتمويل أعمال تضامنية خيرية لفائدة المجتمع كعربون وفاء واحترام للجمهور وتعبير عن رضا الانتساب للفريق الوطني، فلا يمكن أن يتحول هذا الأخير إلى شركة مالية خارج المراقبة بداعي الاستقلالية أو عدم استعمال الدعم المالي للدولة، كون التمويلات المختلفة (سبونسور) هي بشكل آو بآخر من مصدر المال العام.
وأخطر ما يهدد الفريق اليوم وغدا هو إطلاق العنان لرغبات أفراد أو أطراف مهما كان ثقلهم في التشكيلة يتجاوزن إطارهم الفني أو التسييري إلى درجة الضغط في تحديد المدرب وطرد من لا يرضيهم. وحالة المدرب ريفاتس الصربي لا ينبغي أن تمر بدون رصد النتائج المترتبة عنها، ذلك أن أحد الأسباب الجوهرية يكمن في أن الرجل يكون وقف على نقائص في جاهزية اللاعبين بما في ذلك المصنفين «نجوم» واشترط إعادة ضبط العناصر وإخضاعهم لتدريبات قاعدية أي إعادة البناء من الأساس ما أثار ربما انزعاج أولئك إلى درجة فرض إرادتهم في إبعاده.