تساؤلات المستقبل

محمد مغلاوي
09 جانفي 2017

يحاول البعض هذه الأيام زرع اليأس في نفوس الجزائريين، وتقديم نظرة تشاؤمية لما سيكون عليه الوضع عام 2017، وتسويد الأمور على جميع الأصعدة، وإعطاء الانطباع بأن القادم أسوء وأفظع، تصاحبها نقاشات مرتبكة وخاطئة ومخادعة، بآراء ونظريات تيئيسية مبنية على معطيات اقتصادية واجتماعية واهية وغير واقعية.
افتراضات هؤلاء المستقبلية التشاؤمية جاءت بأفكار وتفسيرات مشوّهة وناقصة ومغلوطة، لم تبن على حسابات دقيقة وتوقعات مضبوطة لعوامل موجودة، ولم يعتمدوا على نماذج ومفاهيم واقعية، أو تخيل الآتي بصورة واضحة وخطة مدروسة.
لاجدال في أن الجزائر تعيش أزمة اقتصادية كغيرها من البلدان بسبب تراجع أسعار البترول، نتج عنها تأجيل مشاريع واتخاذ تدابير وقرارات صعبة، لكن رغم حساسية الوضع، إلا أن التنمية لم تتعطل، ومعيشة المواطن لم تتأثر، ومساعي تنويع الاقتصاد الوطني لم تتغير، وفتح مناصب شغل جديدة لم تتقلص. بل إن انهيار أسعار النفط حرّك عجلة الإنتاج خارج قطاع المحروقات، وتم الاستثمار في مجالات صناعية مولدة للثروة، ما يعطي الانطباع بأن تعامل الحكومة مع الوضع كان إيجابيا إلى حد كبير.
هذا التحوّل الاقتصادي والاجتماعي يمكن وصفه بالعادي جدا، يحدث في جميع البلدان ولا يحتاج إلى كل هذا التهويل والتضليل، ولا إلى تقويض المساعي التي تقام هنا وهناك من أجل رسم استراتيجية ناجعة للخروج من الأزمة. وكان حري بهؤلاء “التيئيسيين” تحليل الوضع بموضوعية، وإعطاء الحلول الممكنة للتخلص من التبعية البترولية، والدعوة إلى مراجعة بعض الخطط بعيدا عن النظرة التشاؤمية والسوداوية، التي من شأنها التأثير على الجهود والبرامج الاقتصادية والاجتماعية للهيئة التنفيذية.
يبدو أن منظري “المستقبل التشاؤمي”، مازالوا يعيشون على الماضي، غير مستوعبين ما يجري من حولهم، بلا رغبة وإرادة لديهم للتطور والتقدم بروح العصر، وتغيب عنهم مقاصد الفهم الحقيقي للوضع والقراءة الجيدة للأحداث والوقائع، التي يبنى عليها توقع وتخيل ماهو آت.
الكثيرون يتشاركون في التعبير على طموحات التغيير والتطلع إلى غدٍ أفضل، وفي نقد بعض السلوكيات والسياسات المنتهجة، بحثا عن التقدم والتحديث وتحقيق نهضة ثقافية، اقتصادية واجتماعية.. لكن حركة التغيير هذه لا تحتاج إلى سواعد فاشلة، ونقاشات فارغة، واحتجاجات عنيفة، بل تحتاج إلى نظرة واستراتيجية واضحة ومتماسكة وملائمة، تعتمد نماذج تخدم المجتمع، توظف فيها كل إمكانيات وقدرات البلد، بعيدا عن الأسلوب الهدّام المثبط للعزائم، والطرق الزارعة لليأس في نفوس المواطن. فقد يحصل اختلاف في المبدأ وفي التطبيق، لكن لا اختلاف في الحرص على مصلحة البلاد والعباد والحفاظ على الأمن والاستقرار.  
 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19524

العدد 19524

الإثنين 22 جويلية 2024
العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024
العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024