لا حديث في القنوات التلفزيونية والفضائيات سوى عن تتويج محرز بجائزة أحسن لاعب أفريقي للسنة الماضية وما قام به من جهد، رافعا من خلاله الشأن الرياضي الكروي على المستويين العربي والإفريقي.
اجتاح محرز القنوات الإعلامية التقليدية والافتراضية وتصدر أولى اهتمام كبار المحللين والسياسيين الذين عادوا من خلاله إلى انتصارات الجزائر، مروجين الصورة الأخرى البعيدة عن الصورة النمطية المألوفة معاكسين بها ما ينجز بسواعد أبناء الوطن المعجزة الذي أنجب كبار وألمع الرياضيين الذين تركوا بصماتهم في الكرة المستديرة، بدءاً من لاعبي فريق جبهة التحرير إلى رابح ماجر وبلومي دون نسيان لالماس، سيريدي والقائمة طويلة.
هل نطوي صفحة الانتصارات في يوم وليلة دون التذكير بإنجازات الفناك الذين انتزعوا تأشيرة التأهل إلى مونديال 2010 من ملعب المريخ بأم درمان، صانعين مجدا للكرة الجزائرية، تكرر أربع سنوات بعد بالبرازيل إلى درجة بات «الخضر» محل التقدير والإشادة أينما حلوا وارتحلوا، رافعين قيمتهم في بورصة التنقلات إلى الأعلى.
فوز محرز بجائزة «الكاف» الذي جاء بعد تتويج من «بي.بي.سي»، نال بفضله لقب أحسن لاعب إفريقي قبل أشهر قليلة مضت غيّر مجرى تعليقات عبر فضاء التواصل الاجتماعي رأسا على عقب وأبعد أصحاب الرؤى المتشائمة الذين ينظرون إلى إنجازات الجزائر بنظارات سوداء ولا يتوقفون عن التهويل والصداع في الترويج الخاطئ لحملات عدائية إلى الخلف.
أبعد انتصار محرز الباهر هؤلاء الذين ملأوا الدنيا صداعا في مسعى التحريض على الفتنة، مستغلين خرجات شباب محرضين على العنف بداعي «غلاء المعيشة»، محاولين الزج باتجاه الفوضى وضرب أغلى ما كسب بعد عشرية الجنون والدم من تدابير الأمن والمصالحة والاستقرار التي تعتبر دوما خطا أحمر لا يقبل المساس به تحت أي ذريعة وحجة.
ورأينا بأم أعيننا التطاول والتهجم المجاني على الجزائر عبر قنوات عربية وغربية عرفت بموقفها العدائي منذ زمان. رأينا كيف يتجرأ بعض ضعاف النفوس في تحليلاتهم قصيرة النظر والبعد التي تنم عن جهل بحقائق الواقع الجزائري وصيرورته، ويتساءلون في حيرة عن سبب بقاء البلاد خارج دائرة الاهتزاز الارتدادي العربي وتبقى في مأمن من الاضطرابات تدير شؤونها باستقلالية قرار وخيار سيادي دون اعتماد على وصاية الآخر وإملاءاته.
ولم يكلف هؤلاء أنفسهم عناء قراءة دقيقة للمعادلة الجزائرية والإدراك أن الجزائريين عاشوا ربيعهم وهم أبعد من تقبل رأي آخر يعاكس مسعي البناء والتطور.
ليلة استثنائية عشناها يوم الخميس في متابعة الانتصار الجزائري الأخر بأبوجا بتتويج محرز باللقب القاري دون منافس، واضعا الكرة المستديرة الجزائرية في موقعها اللائق بها، كاشفا للمشككين أن التحدي الجزائري قائم وأن أبناء هذا البلد الأمين سائرون على درب الأسلاف في الذهاب إلى الأبعد من أجل مكاسب البناء والإنماء وألقاب الشهرة، متخذين من المتاعب والصعوبات قوة انطلاق نحو الأمام جاعلين من المستحيل ممكنا إلى يوم الدين.
التحــــــدي الجزائــــــري
فنيدس بن بلة
06
جانفي
2017
شوهد:436 مرة