بالموازاة مع حجم التفاؤل السّائد هذه الأيّام بقرب انفراج الأزمة السّورية، ترتفع مستويات التشاؤم والقلق حول مصير الإرهابيين الذين ظلّوا هناك لما يقارب الستّ سنوات يسفكون الدّماء، ينتهكون الحرمات ويمارسون طقوس دمويتهم الوحشية.
خاصّة وأن الحديث يدور حول ضرورة إعادتهم إلى بلدانهم الأصلية وكأنهم رعايا مسالمين كانوا في مهام خارجية نبيلة وحان وقت رجوعهم.
إنتهاء الحرب في سوريا التي بدأت موشراتها تلوح في الأفق، يفرض علينا التساؤل عن الوجهة التي سيتّخذها الدمويون بعد إنهاء مهمّتهم القذرة هناك، خاصة وأن البلدان التي سهرت على تجنيدهم، تمويلهم وإرسالهم لتدمير بلاد الشام خلال الأعوام الستّة الماضية.
لا تريد رحيلهم إليها، وبدل ذلك تدعو بلداهم الأصلية لاستعادتهم، وهذا يخلق معضلة حقيقية يسميّها البعض «المقاتلون الأجانب» ونسميها نحن «الإرهابيون» الذين تطرح مسألة عودتهم جدلا واسعا داخل بلدانهم، فلا دولة مستعدّة لفتح أحضانها لدموييّن قتلوا مئات الآلاف الأبرياء ودمّروا بلدانا بأكملها، ولا مسؤول يستطيع تعريض أمن بلاده لتهديد هؤلاء الدمويين.
آلاف الإرهابيين الذين أرسلوا إلى سوريا والعراق لحرقهما، يكونون قد خرجوا من هناك، وبالتأكيد الدّول التي جنّدتهم وهي تعرف أسماءهم وجنسياتهم وأوصافهم، إن لم تكن قد جهّزت لهم مهمة تدميرية أخرى في منطقة ما، فهي بكل تأكيد سترغم بلدانهم على استعادتهم، وفي كلا الحالتين يطرح هذا الأمر مأزقا حقيقيا ويسبب رعبا كبيرا كالذي نشاهده هذه الأيام في الشقيقة تونس التي انتفض شعبها رافضا عودة أبنائه الإرهابيين.
في الواقع إذا كان مثل ردّ الفعل هذا متوقعا ومشروعا، فمن الضروري التعامل مع هذه المسألة برباطة جأش وشجاعة أكبر، إذ الأفضل القبول بعودة هؤلاء الدمويين ووضعهم تحت أعين المراقبة والقانون على تركهم لزبانية الحروب ليجنّدوهم لمهام تدميرية أخرى.
وفي كل الأحوال العلاج كما نراه، لا يكون بالإقصاء والإبعاد، بل بالاحتواء تحت سلطة القانون وإجراءاته العقابية.