الأرضية التي يستند إليها المنتخبون المحليون في تسيير البلديات حاضرة في الميدان منها المرجعيات القانونية أي النصوص التشريعة والتعليمات الصادرة عن وزارة الداخلية والجماعات المحلية.. أضف إلى كل هذا التوصيات المتوجة للقاء الحكومة - الولاة.
هذه المنظومة تعتبر خارطة طريق بالنسبة لرؤساء البلديات في نشاطهم اليومي وبالرغم من كل هذه الترسانة، فإن هؤلاء المسؤولين يتحفظون في اتخاذ قرارات معينة خوفا من مشاكل غير متوقعة، خاصة ما تعلّق بالنفقات العامة المتوجهة للمشاريع المسطرة.
وحجّتهم في ذلك هو عدم الخروج عن الأطر التنظيمية الخاصةبالجماعات المحلية، مما أدى إلى قتل روح المبادرة نظرا لهذا الموقف المتصلب وتعطيل العديد من المحاولات الرامية إلى تجاوز وضع معين كلّف الكثير من المتاعب على هذا الصعيد في مجال إدارة شؤون التنمية في الجزائر العميقة.
قد يتفهّم الكثير لرد فعل هؤلاء المسؤولين المحليين خوفا من الوقوع في حالات ناجمة عن سوء التقدير أو غياب النظرة الواقعية، لكن إلى متى تبقى هذه النظرة مهيمنة على عمل المسؤولين المحليين دون التحرك في الاتجاه الإيجابي لفائدة سكان البلدية، الذين لا تنتهي مطالبهم من مياه، إنارة، كهرباء، غاز، نقل، صحة، مدرسة؟.
ما تمخض عنه لقاء الحكومة الولاة من محاور عملية في تسيير الشأن الداخلي جدير بأن يكون محل اهتمام هؤلاء، وهذا في أبعاد ترقية عمل البلدية في مطالبتها بالانخراط في السياق الاقتصادي العام للبلاد، لتتحوّل إلى مؤسسة بأتم معنى الكلمة في تدبير مداخيلها ومواردها الأساسية وتقليص الاعتماد على خزينة الدولة فقط.
هذه الرؤية واضحة كل الوضوح لكنها تتطلّب إرادة فولاذية من عند رؤساء البلديات في الانضمام إليها بكل ثقة لمواكبة هذا السياق الحيوي واعتبار أنفسهم جزء لا يتجزأ مما ينجر في الوقت الراهن.
وقد جاءت تلك التوصيات متساوقة مع الحركية المالية في البلاد قصد تعديل أوضاع من عينات بلدية، وهذا بدعوتها لاستغلال ما يمكن استغلاله في مجال الجباية وهذا بالبحث عن كل السبل الكفيلة لسدّ البعض من الفجوات الناجمة عن ذلك العجز المزمن في التسيير، نظرا للإمكانيات الكبيرة المتوفرة على المستوى المحلي.
وحلّ هذه المعضلة المالية يؤدي حتما إلى تسوية الكثير من الحالات المعقدة في مجالات أخرى، لذلك فإن خيارات التسيير المطروحة في ٢٠١٧ تعد تحديا قائما لا بديل عنه، وما على هؤلاء المسؤولين المحليين إلا مسايرة ذلك بالرغم من أن عهدتهم المتبقية لا تتعدى سنة وهذا لا يعني تخليهم عن التزاماتهم في انتظار هذا الموعد الحاسم.. وإنما عليهم إبراز كفاءاتهم في هذا الشأن.