هل يمكن تجريد أي عمل إنساني من الذاتية؟ هل يمكن ادّعاء الموضوعية التامة في كلّ ما نقدّمه؟ هل يجب علينا التعامل مع الأحكام بنسبية؟ وإن كان الأمر كذلك، ما هي حدود هذه النسبية؟
أسئلة لطالما رافقت ميدانين في عالم الأدب والإبداع: ميدان النقد، والجوائز الأدبية. فالمفاضلة بين الجماليات غالبا ما تخلق العديد من الفراغات وبقع الخواء، ولا نعرف إن كان العمل الذي يحظى بالنقد الإيجابي أو السلبي ممثلا فعلا في ذلك النقد.. لماذا؟ لأن الناقد إنسان، ومهما اعتمد على نظريات ومقاربات، يبقى تحت طائلة الذاتية والاعتبارات الشخصية، بل إن المقاربات العلمية في حد ذاتها نتاج جهد إنساني لا يمكن في أي حال من الأحوال ادّعاء الكمال.
أما التنافس والتسابق بين الأعمال الأدبية، والمفاضلة بين هذا العمل أو ذاك، فإن عليه من التحفظ ما يفرغ بعض هذه المنافسات من قيمتها في أحيان عديدة، خاصة حينما تتقارب الأعمال من حيث المستوى، ويصير الاختيار صعبا وفي بعض الأحيان مستحيلا.
تبقى مهمة الجوائز ترويجية إعلامية، فالعمل الحائز على تتويج ما يجد حظه من الرواج والانتشار أكبر من حظوظ أعمال مغمورة.. ولكن هل يجوز لنا بأن الأعمال المغمورة لا تحتوي على جواهر وجب العناية بها أكثر؟ بالطبع لا.. إن اكتشاف الأعمال الجيدة يشارك فيه العديد من الفاعلين في سلسلة طويلة ومتشابكة، من الناشر إلى المكتبي إلى الإعلامي والناقد إلى القارئ في حد ذاته، بل وحتى المبدع يفترض فيه أن يكون أول من يهتم بما ينتجه المبدعون الآخرون، لذا قد يكون الاعتماد على عامل واحد من هذه العوامل، وفاعل منفرد في هذه السلسلة، أمرا مجانبا للصواب.. ليبقى السؤال الأبدي الذي تطرحه فلسفة الجمال: هل يمكن المفاضلة بين إبداع وآخر؟
نسبيــة الجمـال
بقلم: أسامة إفراح
01
جانفي
2017
شوهد:396 مرة