على خطى سابقاتها، مرّت سنة 2016 حبلى بالأحداث والأزمات التي أصبحت تعكّر صفو الحياة في العديد من نقاط العالم السّاخنة وحتّى غير السّاخنة، فالإرهاب ظلّ إلى الأيام الأخيرة يقضّ مضاجع الكثير من الدول دون أن يستثني تلك التي كان يعتقد إلى وقت قريب بأنّها عصيّة على الدمويّين، ومحصّنة بما تملكه من أجهزة مخابرات عالية الكفاءة ووسائل مراقبة متطوّرة، فها هي ألمانيا الدولة المتطوّرة تكتوي بنيران الإرهاب هي الأخرى، إذ عاشت قبل أسبوع حادثا دمويّا مروّعا، استنسخت طريقته عن اعتداء نيس بفرنسا في الصّائفة الماضية، حيث اختار الدّمويّون طريقة الدّهس بشاحنات ضخمة لتحصد عددا كبيرا من الضّحايا في لحظة واحدة. ولا يمكننا أن نتجاهل تركيا التي أصبحت في عين الإعصار الإرهابي، وباتت التّفجيرات والاعتداءات بالنّسبة لها تشكّل سلسلة لامتناهية وليس هذا فقط، إذ امتدّ الأمر إلى اغتيال سفير روسيا بعاصمتها على المباشر، ما يؤكّد بأنّ وريثة الامبراطورية العثمانية تواجه بالفعل إرهاصات الأزمة الدّموية المندلعة في الجوار بسوريا.
سنة أخرى من عمر الزّمن تنقضي بفصولها وأيّامها، والإرهاب لازال سيّد الموقف يضرب في أفغانسان وباكستان والعراق وسوريا واليمن ومصر، يزرع الموت والأسى دون أن تتمكّن الحرب المعلنة ضدّه منذ أعوام من دحره، الأمر الذي لا يبعث على التّفاؤل بقرب قهره، لنتوقّع المزيد من ضرباته ومن ضحاياه، الذين للأسف الشّديد يتمركز أغلبهم في البلدان العربية الملتهية تحت عنوان “الرّبيع الدّموي”.
واقع مأساوي عاشته العديد من الدول العربية للعام السّادس على التّوالي مع الحروب الأهلية والأزمات السياسية، وبات حتميا وقف سياسة التّدمير الذّاتي هذه بتفاهمات سياسية تعوّض الأسلحة، ومصالحات تزيل العداوات وتحقّق الاستقرار.
والأمل كبير بأن تسير سوريا في هذا الاتجاه مع بداية العام الجديد، خاصة بعد وقف القتال في حلب، لتمديده إلى كافة بلاد الشّام، وعلى خطاها نتمنّى أن تسير ليبيا واليمن، ليعدل الفرقاء في الدّولتين عن سياسة المغالبة والتّصعيد، ويجنحوا إلى الحوار باعتباره الطّريق الوحيد لحلّ كل الأزمات.
سنة إذن انقضت بحلوها ومرّها، والأمل معلقّ على العام الجديد، علّه يعيد للعالم بعض هدوئه وأمنه الضّائع في أكثر من نقطة ساخنة.