رسالة صريحة وجهها رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة لأهل العلم والتبصر للخروج من الصمت والتعريف بقيم الإسلام الوسطي حامل قيم التسامح والتعايش، والجدل بالتي هي أحسن بعيدا عن الفكر التكفيري والتطرف والمغالاة. وهو فكر ولد حالة من التمزق في الصف الإسلامي وغرس نعرة التفرقة والتشكيك في كل شيء، بل فتح فجوة كبرى للتناحر والفتنة في مشارق العالم الإسلامي ومغربه.
رسالة صريحة تعد امتدادا لعشرات الرسائل التي بعثها كل مرة في موعد أسبوع القرآن الكريم، الذي بادر به في الألفية، مرافعا لصورة الإسلام النقي غير الذي يروج له أناس دخلاء على ديننا، أصحاب النظرات الضيقة والرؤى الخاطئة والتفسير المضلل. وكم هم كثيرون.
باتت الصورة مقلوبة في ظل التناحر الأعمى والتطرف الذي بات سمة العصر، استغله أعداء ديننا الحنيف للترويج لأشياء ما أنزل الله بها من سلطان.
وفي يوم وليلة باتت حملات عداء تروج في وضح النهار من أعداء الإسلام والمغالين في نشر تصادم الحضارات والعداوة بين الثقافات عبر فضائيات تنمو كالفطريات تلصق تهما بالدين الأقوم خطأً، سمتها بث الضغينة والعنف معطية للإسلاموفوبيا توسعا رهيبا سقط المسلمون في ديار الغربة فريسة له وضحايا.
أمام هذه الوضعية الحالكة، لم يعد مقبولا من أهل الدين والعلم إغماض الأعين وترديد عبارة «تخطي راسي»، فالواجب الديني والمسؤولية الفقهية تستدعيان كسر هذا التردد واعتلاء المنابر لإعطاء الصورة الساطعة النقية عن الإسلام الذي جاء لنشر أفكار التعايش والمحبة والاجتهاد العلمي دون السقوط في الأفكار الجاهزة الجامدة.
أمام هذه الوضعية، يفرض الشرع على أهل الاختصاص التدخل للرد على الحاقدين الذين يتمادون، بلا وجه حق، في عدائهم الظاهر والمستتر على الدين الإسلامي حامل رسالة الوسطية المقدم للبشرية أجوبة صريحة لا تقبل الشك على أن هذا الدين... دين يسر ينبذ كل أشكال العنف والغلو وينهى عن المنكر وقتل الروح بغير حق، حريصا على أقدس حق إنساني على وجه الأرض وهو الحق في الحياة.
أمام هذه الوضع، الذي يعتدى فيه على أقدس المقدسات في ديننا الحنيف، على العلماء الخروج إلى الميدان لشرح قيم الإسلام الحق، غير التي تعطى من غلاة يتمادون في تفسير مبادئه وتعاليمه السمحاء يفصلونها على مقاسمهم وبما تمليه عليهم أهواؤهم. والنتيجة سقوط الأمة الإسلامة جملة وتفصيلا في شرارة الانقسام والفتنة، لم يسلم منها إلا القلة القليلة.
من أفغانستان شرقا إلى أبعد نقطة في الغرب، يتمادى الصراع الطائفي ويقوى وتتغذى النعرات والخصومة، إلى درجة تبعث القلق والسؤال المحير ثم ماذا؟ ما العمل لوقف النزيف في منطقة أخرجت خيرة العلماء والفقهاء، ظلوا في تنقل دائم لنشر قيم الإسلام وتعاليمه أقنعت الآخر بأن هذا الدين جاء بشيرا ونذيرا للبشرية جمعاء يدعوها إلى التعايش والتسامح وليس إطلاق العنان لحملات عداء لا تنتهي وركب موجة التطرف وتوظيف الإسلام لإزهاق الأرواح والتخويف والتخوين... وهي كلها بعيدة عنه بعد الأرض عن السماء .