مخابر المخابرات الغربية تفقد السيطرة على الإرهاب

حكيم بوغرارة
20 ديسمبر 2016

تعكس العمليات الإرهابية الأخيرة التي شهدتها مناطق “الكرك” بالأردن، واغتيال السفير الروسي في أنقرة وعملية الدحس في سوق ببرلين، عن انفلات الظاهرة الإرهابية من أيدي المخابرات الغربية، التي قال عنها ترامب إنها حاضنة لتفريخ الإرهابيين وتوجيههم للقيام بتجسيد مخططات تقسيم الدول وتدميرها وقتل الشعوب وخلق مظاهر القنوط لدى الشعوب العربية والإسلامية.
وبقدر ما نجحت تلك المخابر الغربية في افتعال الحروب وإثارة الفتن والحروب، إلا أنها، ولوقت غير بعيد، تكون قد فقدت السيطرة على هؤلاء المجندين عبر الأنترنت وعبر التدريبات الشاقة التي تجعلهم يتحملون كل شيء لإرضاء عرّابيهم. فما حدث في سوريا يدعو الجميع للتساؤل حول الأطراف التي قامت بتجميع شباب من كل أصقاع العالم وإقناعهم بالذهاب لسوريا تحت غطاء ديني أو ضد إيديولوجيات معينة وتبين أن اللعبة وما فيها هو رمي الطعم في منطقة معيّنة واستغلال أوضاع الكثير من الشباب العربي والمسلم للموت والانتقال للجنّة الموعودة التي تم تزيينها بفتاوى وخطب ودروس دينية من أشخاص كوّنتهم المخابرات الغربية، التي تكون قد ألمت بكل المرجعيات الدينية والإثنية التي تحكم المجتمع العربي والإسلامي لاستغلالها في زرع النفاق والشقاق ومنه جر منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا للخراب والدمار.
يظهر أن المخابر الغربية التي صنعت رواية ابن لادن والظواهري في أفغانستان وجعلتها غطاءً للتدخلات العسكرية وورقة ضغط لبيع ملايير الدولارات من السلاح المغشوش، لم تحسب لانقلاب السحر عليها وخروج تلك الفيروسات الإرهابية خارج نطاق السيطرة. فالغرب والشرق لم يتعضا من كيفية قتل السفير الأمريكي في ليبيا وردود الفعل المستغربة لذلك. كما لم تحسب لما وقع في باريس ونيس وبروكسل، وواصلت سياستها العدوانية والدموية ضد العرب والمسلمين.
ونحن نكتب هذه الكلمات ليس لتبرير ما يحدث أو منح الشرعية لمثل هذه السلوكات التي لا تمتّ بأية صلة لأي مرجع رباني أو إنساني، لكن تزايد الحقد والعنف والتفنـن في إراقة الدماء وإزهاق الأرواح التي جعلت البشرية كلها تتخوف من مستقبل السلم والتعايش.
إن مشاهد اللاجئين وهم يتحولون لطعام جاهز لأسماك المتوسط، ومعاملتهم معاملة وحشية من قبل بعض الصحافيين أثناء تغطية طريقهم من أوروبا الشرقية ألى الغربية ومحاولة إذلالهم وإهانتهم، جعلت العالم بأسره يتساءل عن سر هذه المعاملة والسكون الدولي تجاه ما حدث ويحدث في محرقة حلب، التي فاقت همجيتها كل التوقعات، خاصة صور البراءة والنساء والعزل الذين باتوا في العراء وفي درجة حرارة تقل عن 6 تحت الصفر.
لقد نجحت روسيا في توجيه الرأي العام الغربي من أزمة أوكرانيا والقِرم نحو دمشق وحِمص وحلب. وتمكنت في ظرف قياسي من التعامل مع أزمات متعددة في ظرف قياسي، بفعل قوة جيشها ومخابراتها التي دخلت البيض الأبيض الأمريكي وسحبت البساط من تحت أرجل الديمقراطيين ونصب ترامب رئيسا وهو الذي لم يُخفِ إعجابه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي جعل موازين القوى تميل للشرق بعد سنوات من الهيمنة الأمريكية.
إن ما يحدث في عالم اليوم، الذي تحالفت ضده قوى الشر، ممثلة في وسائل الإعلام وتجار السلاح واللوبي الصهيوني والشركات متعددة الجنسيات ومخابر الإرهاب، بحاجة إلى مراجعة الكثير من التوجهات والاستراتيجيات لحماية العالم من الاندثار والانتحار الجماعي.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19524

العدد 19524

الإثنين 22 جويلية 2024
العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024
العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024