إن الترقية الفعلية للغة العربية تبدأ باستعمالها في المجال العلمي لتكون لغة التكنولوجيا والتطور، فاللغة الانجليزية التي أصبحت ناطقة رسمية باسم التكنولوجيا متناهية الدقة ولغة براءات الاختراع في جميع التخصصات، هي ما سمح للولايات المتحدة الأمريكية بالاستحواذ، ليس فقط على أكثر من 90٪ من براءات الاختراع في العالم، لكن من تسجيل كل تلك البراءات باللغة الإنجليزية التي أصبحت لغة التكنولوجيات الحديثة والعلوم الدقيقة والرياضيات والطب وغيرها من الميادين العلمية والبحثية الأخرى دون منازع، ما يفسر أن كل الكتب والبحوث وفي كل التخصصات العلمية كلها باللغة الانجليزية في الأصل وهذا وحده أعطى البعد الكوني للإنجليزية، حيث لا تكاد دولة في هذا العالم، بداية من مطاراتها إلى فنادقها، وصولا إلى دورات المياه فيها، تخلو من الإنجليزية، رغم أن هذه الأخيرة تعتبر لغة حديثة العهد نسبيا مقارنة باللغات العريقة الأخرى. لكن العبرة ليس بالتراكمات التاريخية، إنما بالنجاعة. فالإنجليزية لم تفرض وجودها لأنها لغة القوة العالمية العظمى فقط، لكن لأنها لغة العلم والمعرفة دون منازع.
إن الجزائر قطعت أشواطا لا بأس بها في تعزيز تواجد اللغة العربية كلغة رسمية ووطنية، إنْ على الصعيد الرسمي أو الشعبي وهذا إذا أخذنا في الحسبان ما تعرضت له اللغة العربية من حملات مركزة للقضاء عليها نهائيا خلال الحقبة الاستعمارية. وهذا لا يعني أننا أعطينا هذه اللغة حقها من الترقية، فالطريق لايزال طويلا والترقية الحقيقية تبدأ عندما تصبح اللغة العربية السائدة في مجال البحث العلمي في مختلف الجامعات والمدارس وهي لغة المذكرات والرسائل الجامعية في العلوم الإنسانية والعلوم الدقيقة والرياضيات وعلم الأحياء... إلخ.
العلم قاطرة اللّغة...
أمين بلعمري
17
ديسمبر
2016
شوهد:319 مرة