لم تكن هذه السنة على ما حملته من مؤشّرات صعبة بفعل أزمة تراجع إيرادات المحروقات خالية من معطيات إيجابية، تؤكد وجود موارد وإمكانيات محلية كفيلة بأن تدفع أكثر بوتيرة النمو وتحسين الأداء الاقتصادي بكافة جوانبه الاستثمارية والمالية والتجارية. ومن بين أبرز المعطيات الايجابية التي ترسم ملامح المستقبل في المديين القريب والمتوسط استمرارية، عمليات إنجاز المشاريع الاستثمارية الكبرى التي انطلقت خاصة في قطاعات المنشآت القاعدية والبنية التحتية والسكن، وتعزيز القطاعات الحيوية للنقل وتجسيد مشاريع للشراكة الأجنبية، وحرص على إتمام الورشات الضخمة في السكن والمرافق العامة، غير أنّ العنصر الأكثر ايجابية في حصيلة سنة 2016 التحسن النوعي في بناء شراكات أجنبية حول مشاريع إنتاجية في قطاعات خارج المحروقات، تتقدمها صفقات متوازنة في صناعة وتركيب السيارات وأخرى في النسيج، إلى جانب مشاريع ذات جدوى في البتروكيمياء والحديد والصلب، وغيرها من النشاطات، التي يراهن عليها في تعويض الفارق المفقود جراء الصدمة المالية الخارجية. وكان الجديد إضافة إلى الحفاظ على التوازنات الكلية بالرغم من انخفاض مستوى احتياطي العملة الصعبة، الذي يجب أن يخضع لمراقبة عن كثب واستعمال دقيق خاصة في الظرف الراهن، تسجيل نتائج مشجعة على مسار ترشيد النفقات وتطوير الممارسات على صعيد إدارة الشأن الاقتصادي والاجتماعي العام، ضمن معادلة مركبة تقحم السلطات المحلية في تنمية الموارد بحيث يتحول كل تصرف إلى عمل اقتصادي يندرج في سياق التوجه الجديد للنموذج الاقتصادي للنمو. ويشمل هذا كذلك المستهلك الذي يقف على عتبة مرحلة تفرض التزام حد أدنى من الوعي والإدراك لمدى الأهمية التي تكتسيها القدرة الشرائية في ظل سوق تنافسية ومفتوحة على تغيرات سريعة للأسعار وزيادة في الأعباء، مما يدفع بالضرورة إلى الارتقاء إلى درجة من المسؤولية في ضبط الخيارات وترتيب الأولويات، بضع الموازنة الأسرية وبالتالي القدرة الشرائية في منأى عن تداعيات الظرف الصعب. وكذلك الأمر نفسه بالنسبة للمؤسسة الاقتصادية والمقاولة الصغيرة والورشة البسيطة في أبعد نقطة من البلاد، حيث واكبت ديناميكية التنمية في كل القطاعات، طيلة السنة، وتيرة مقبولة، ينتظر أن ترتفع في المرحلة القادمة. والحلقة القوية التي تلاحظ على المرآة العاكسة للسنة المقبلة على الانقضاء الحيوية الكبيرة للخبراء في الشؤون الاقتصادية والمالية والطاقوية، والذين تابعوا بانتظام تطور المؤشرات وتغيرها من خلال التشخيص والاستشراف ممّا ساعد على رسم التصورات الممكنة وتوضيح الرؤية المستقبلية تحسبا للتحديات التي تلوح في أفق السنة الجديدة.