إن الخط الافتتاحي الرصين لجريدة الشعب الذي ظلت ثابتة عليه على مدار 54 عاما في أداء رسالتها الإعلامية بكل احترافية وموضوعية هما ما جعل هذا العنوان الكبير بما يملكه من تراكمات تاريخية يحظى بالاحترام من قبل الجميع وجعل منها محط ثقة الشعب الجزائري الذي حملت همومه وتطلعاته وكذا الدولة الجزائرية، حيث كانت جريدة الشعب ولا تزال تعكس توجهات الدولة الجزائرية على الصعيدين الداخلي والخارجي بكل مسؤولية واحترافية وهذا لا يعني أنها اكتفت بذلك ولكن ما فتئت تدافع عن القضايا المصيرية والتوجهات العامة للدولة الجزائرية وهذا منذ إصدار أول عدد لجريدة الشعب يوم 11 ديسمبر 1962 أي بعد أشهر قليلة على استرجاع السيادة الوطنية.
إن تجربة جريدة الشعب في ممارسة الإعلام يمكن اعتبارها بكل تواضع مدرسة تعلّم فيها ممارسة هذه المهنة النبيلة التي لم تفقد بريقها ولا تأثيرها بعد فالصحافة مازالت تتربع على عرش السلطة الرابعة وهذا رغم ظهور منافسين جدد مثل وسائل التواصل الاجتماعي التي تحاول أن تقدم نفسها بديلا لوسائل الإعلام التقليدية ولكن تطرح هنا مسألة المصداقية بإلحاح لأنها جوهر العمل الصحفي الذي يتلخص في العقد الاجتماعي الذي يحدد العلاقة بين الطرفين أين يلتزم الصحفي بواجب إيصال المعلومة إلى القارئ كما هي.
إن هذا لا يعني بأي حال من الأحوال أن الصحفي تنتهي مهمته بمجرد وصول الخبر إلى القارئ بل على العكس لأن الوظيفة الأهم هي تحصين ذهن القارئ من الشوائب والسموم عبر تزويده بأدوات تحليل يمكنه من خلالها التمييز بين الغث والسمين وأتصور أن جريدة الشعب عملت دائما على الاضطلاع بهذه الوظيفة الجوهرية في الممارسة الصحفية التي تقوم على تقديم إعلام بديل متزن وثابت لا تجرفه التيارات والأهواء ولا مغريات الإشهار على حساب الرسالة الإعلامية وهذا هو الفخ الذي وقعت في شراكه كثير من وسائل الإعلام وأفقدها حتى القدرة على التمييز بين الممارسة الإعلامية وممارسة جمع الأموال فأصبحت تكتب تحت الطلب وفق شعار من يدفع أكثر.
عقد اجتماعي عمره 54 عاما...
أمين بلعمري
13
ديسمبر
2016
شوهد:372 مرة