متى تقرع أجراس السّلام؟

فضيلة دفوس
13 ديسمبر 2016

تعود يوم السّبت القادم الذّكرى السّادسة لإضرام المواطن التّونسي محمد البوعزيزي النّار في جسده احتجاجا على ما اعتبره ظلما لحق به.
هذه الحادثة التي يمكنها أن تقع في أيّ مكان، لم تمر مرور الكرام، حيث كانت سببا بطريقة أو بأخرى في إلهاب الوطن العربي وزلزلة أمنه وضرب وحدته، حتى أنّ كثيرين أصبحوا يؤرّخون للرّبيع الدّموي بحادثة البوعزيزي، وبات المسكين يتحمّل عند البعض وزر ملايين الضّحايا بين قتلى وجرحى ومشرّدين خلّفتهم التوتّرات والحروب التي تفتك بأكثر من دولة عربية.
الأكيد أنّ المواطن التّونسي الرّاحل بريء من الدّماء التي تراق منذ سنوات في بلدان الرّبيع المريع. ومن الكلفة الباهظة التي خلّفها الدّمار الذي لحق ولا زال بها، والمسؤولية لا يمكن أن تتحمّلها جهة واحدة، ولا أن تقذف إلى شخص واحد، فهي موزّعة بين أطراف عديدة يتقدّمها المتآمر الخارجي الذّي حوّل الحقّ الشّعبي المشروع في التّغيير إلى باطل،  بل وإلى خطيئة كبرى عندما أبرق بجحافل إرهابية ليشعلها حروبا أتت على الأخضر واليابس في أكثر من دولة.
بعد ٦ سنوات من التّدمير والتّقتيل، يحقّ لنا التّساؤل عن السّبب الذي حوّل حركات احتجاجية مشروعة إلى هذه النّهايات الدراماتيكية، مع العلم أنّنا وقفنا ولا زلنا على شعوب تنتفض ضد حكّامها وتزيلهم عن السّلطة دون إراقة الدّماء كما حصل في البرازيل ويحصل في كوريا الجنوبية، فلماذا هذا الاستثناء العربي؟
الاستثناء باختصار صنعته مؤامرة الخارج التي بدأت فصولها من وثائق ويكيليكس، التي ألّبت الشّعوب العربية على حكّامها وأجّجت مشاعر الغضب ضد سياساتهم إلى أن انفجر الشّارع العربي، وهنا بدأ الفصل الثّاني من المؤامرة، حيث حوّلت الاحتجاجات عن هدفها الحقيقي، وأُدخلت التّنظيمات الارهابية على خطّ الأزمات المصطنعة، واختلط الحابل بالنّابل وغرقت دول في الإرهاب وأخرى في لعنة الاحتراب الداخلي، والباقي سقطت في معضلات اقتصادية خانقة.
ورغم تأكّد مؤامرة الخارج، فلا يمكن أن نحوّلها إلى شمّاعة نعلّق عليها كل مآسينا، فللبلدان الملتهبة نصيب من المسؤولية فيما تعانيه، إذ استسلمت لقدرها وسقطت في الشّراك الذي نُصب لها، وعليها اليوم أن تقف بحزم لتنقذ وحدتها وأمنها من براثن الحروب والإرهاب والفرقة، المهمّة صعبة لكنها ليست مستحيلة.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19524

العدد 19524

الإثنين 22 جويلية 2024
العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024
العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024