حينما تدخل المسرح وتشاهد التفاعل مع عرض ما على الركح، تحسّ بنشوة لا تخلقها الأفلام السينمائية، ولا الأماسي الشعرية، ولا الحفلات الموسيقية على سحر الموسيقى المتعارف.
حينما تحضر عرضا مسرحيا متكاملا، تجد التفاعل حاضرا بين الممثلين والجمهور.. تفاعل قلّ نظيره في الفنون الأخرى.
المسرح أصلا جامع لهذه الفنون، فقد صار يوظف الضوء والصورة، والموسيقى ولغة الجسد، بما في ذلك الكوريغرافيا، والنص بسحر الشعر وتوابل الكتابة المسرحية بمختلف أغراضها.
للمسرح جمهور تعددت مشاربه، تجد فيه المختصّ العارف بأدوات النقد، والبسيط الباحث عن لذّة الاستمتاع، والشغوف الحالم باحتلال مكان أحد الممثلين على الركح، والظفر بتصفيقات الجمهور وتشجيعاته. كما أن له طقوسه الخاصة، فلا هو فيلم يمكن مشاهدته مع الأهل والخلّان، ولا رواية تجوز قراءتها مهما كان المكان.. إن الجمهور يتنقل إلى المسرحية، فإمّا يعود إليها أو لا يعود.
للمسرح سحره الخاص، الذي يبدأ مفعوله بالضربات الثلاثة، ولكنه لا ينتهي بالضرورة بنزول الستار.. سحر يصنع له مكانة خاصة بين الفنون، حافظ عليها منذ قديم الزمان، ولا يبدو أنه ينوي التخلي عنها في القريب العاجل أو البعيد الآجل.
لقد حافظ المسرح على سحره الأبدي، بغضّ النظر عن اختلاف اللغات وتنوّع المدارس والمقاربات، فقد تتعدّد متون الرسالة، ولكن العمل الفنّي المتقن والمبدع يوصلها في الأخير.. الأهمّ هي الصورة الإبداعية، التي تتسامى على نواقل المعنى، وتتحرر من سلاسل التصنيف.
المسرح.. ذلك الساحر
بقلم: أسامة إفراح
11
ديسمبر
2016
شوهد:406 مرة