تمتلك الجزائر موارد بشرية هائلة يمكن الاستثمار فيها واستغلالها للتخلص التدريجي من التبعية إلى المحروقات والخروج من الحلقة المفرغة المتمثلة في استخراج المحروقات و بيعها ثم اعادة تلك الأموال المحصلة من الريع إلى الذين اشتروا منا النفط مرة واحدة، لنعود ونشتري منهم مرات عديدة لباسنا وغذاءنا بل حتى الوقود المستخلص من محروقاتنا الذي نستورده لنشغل به السيارات التي استوردناها كذلك من مداخيل المحروقات وهكذا دواليك.
إن الاستثمار في المادة الرمادية الموجودة في العقل الجزائري ورسم استراتيجيات ناجعة لاستغلال ما تمتلكه الجزائر من كفاءات بحثية و علمية و أخرى مهنية و توفير كل الظروف لاستغلال كل تلك الطاقات و العقول هو الاستثمار المربح لان محوره الإنسان وبهذه الطريقة فقط يمكننا أن نضع حدا لنزيف الأدمغة و هجرتها نحو دول أخرى لم تنفق عليها فلسا واحدا بينما تجني من ورائها الملايير من الدولارات.
إن الجزائر هي بحاجة اليوم وأكثر من أي وقت إلى استنساخ تجربة الـ»سيليكون فالي» الأمريكية التي تكون النواة الصلبة لقاعدة صناعية متخصصة في التكنولوجيات الحديثة والدقيقة سيّما وأن الجزائر تتوفر على كل المواد الأولية التي تدخل في هذه الصناعات بداية من الليثيوم وصولا الكوارتز و غيره من المواد الأخرى التي أشعلت الحروب والمواجهات في الكثير من مناطق العالم، كما تمتلك الجزائر المادة الرمادية التي أثبتت وجودها في قاعدة «وادي السيلكون « بسان فرانسيسكو نفسها و هي أهم قطب تكنولوجي في العالم استطاعت بفضله الولايات المتحدة الأمريكية من الاستحواذ على أكثر من 90 من المائة من براءات الاختراع العالمية.
حان الوقت للتفكير بل الشروع في التخلص التدريجي من التبعية للمحروقات و عدم رهن أمن الجزائر و مستقبل أجيال قادمة بسعر البرميل الذي لم نعد قادرين حتى على التحكم في سعره بل حتى منظمة الاوبيب نفسها لم تعد الكارتل الذي يرسم خريطة الأسواق النفطية و يمتلك ورقة اللعب على الأسعار و الإنتاج بسبب التطورات التكنولوجية الهائلة التي أدت إلى ظهور فواعل جديدة موازية قلّصت من هامش مناورات هذه المنظمة التي تواجه اليوم أصعب مرحلة عرفتها منذ تأسيسها قبل 56 عاما ضف إلى ذلك غياب الإجماع بين أعضاء الأوبيب على إيجاد صيغة توافقية تراعي مصلحة كل الدول المنتجة للذهب الأسود الذي أصبح يباع بسعر التراب.