مكسـب ثمـين يستوجب الحفــاظ عليـه

س/ بن عياد
08 فيفري 2016

يمثل نظام التقاعد مكسبا ثمينا في الجزائر، بحيث يوفر الحد الأدنى للحفاظ على الحياة الكريمة للعمال والموظفين، خاصة منذ أن استفاد الصندوق الوطني للتقاعد من موارد تعزز قدراته لضمان توازنه المالي ليواصل القيام بدوره الأصلي، المتمثل في ضمان منحة لكل عامل يتوفر على الشروط القانونية للاستفادة. وساد في الآونة الأخيرة حديث في أوساط عالم الشغل عن توجه إلى مراجعة هذه المنظومة، مما أثار انشغالا وقلقا لدى الكثيرين الأمر الذي تم نفيه على أكثر من مستوى ليتأكد أن نظام التقاعد لا يزال بعيدا عن التأثر بتداعيات تراجع إيرادات المحروقات ويعرف توازنا ماليا يجعله أكثر استقرار.
يمثل صندوق التقاعد آلية ذات طابع تضامني بين الأجيال ويعتمد في الأساس على اشتراكات العمال والموظفين ليوفر الموارد التي تغطي أحقية منح التقاعد التي عرفت في السنوات الأخيرة تحسنا معتبرا مقارنة بما كانت عليه الحال في الماضي حينما كان المتقاعد البسيط يعاني من أوضاع كانت تنعكس مباشرة على معيشته وأسرته خاصة وأن أمل الحياة في الماضي كان ضئيلا خلافا للوضع الراهن الذي تغير بفضل تطور مستوى المعيشة للمواطن الجزائري. وعرفت وضعية المتقاعدين من متوسطي ومحدودي الدخل من العمال البسطاء تحسنا في قيمة المنحة على امتداد السنوات الأخيرة خاصة بعد أن أولى الرئيس بوتفيلقة قبل سنوات قليلة عناية لهذه الشريحة من خلال تخصيص زيادات في منح التقاعد مما بعث حالة من الارتياح في أوساط الشريحة البسيطة.
إن التقاعد هو حق نظير سنوات من العمل والعطاء يبذلها العامل طيلة مساره يدفع طبلتها اشتراكات قانونية ليقطف في النهاية ثمرة في شكل منحة تمول باشتراكات الجيل الموالي من العمال. ولذلك كان ضروريا أن يحرص الصندوق الوطني للتقاعد على تامين اشتراكات منتظمة وتوسيع وعائها من اجل تحصيل ما يلزم من موارد مالية ترصد لتمويل منح المتقاعدين وذوي الحقوق خاصة الأرامل من ذوات المنح الضعيفة اللواتي يحتجن لمرافقة بلمسة تضامنية تمنع عنهم الحاجة وتحصن كرامتهن.
وتساعد وسائل الاتصال الحديثة المرتكزة على تكنولوجيات متقدمة في تنمية منظومة التقاعد وتوسيع مجالها في الحياة الاجتماعية من خلال تعميق الاتصال الجواري وتعزيز مسار الانفتاح، الذي تجري تجسيده حاليا عن طريق انخراط مسؤولي الصندوق الوطني للتقاعد في ديناميكية للتواصل من أجل تلبية كل ما يطلبه المتقاعد أو المقبلون عليه خاصة وأن المناخ العام يعرف في الفترة الراهنة انتشارا رهيبا للمعلومات ويحتاج أغلبها إلى التدقيق والتوضيح أو النفي.
ولأنه مكسب حيوي ومصيري في عالم الشغل فإن نظام التقاعد يحتاج إلى مزيد من الدعم والمرافقة لتعزيز توازنه دون المساس بالمكاسب التي حققتها المنظومة التقاعدية الوطنية التي تعد أيضا ركيزة في بنية الاستقرار ومؤشرا لتقدم الموارد البشرية وانعكاسا لمدى تنميتها طيلة العقود التي مرت من عمر استرجاع السيادة الوطنية والتي كان يحتل فيها العامل الجزائري مركز الأولوية ذلك أن الإنسان هو في نفس الوقت الوسيلة والغاية من التنمية بحيث يشتغل جيل لا يزال يعمل لفائدة جيل آخر أنهى مسيرته في عالم الشغل. وهنا، يمثل هذا فعلا حقيقة قيمة التضامن بين جيل الشباب الذي لا يزال يحمل لواء الإنتاج والبذل والعطاء والجيل الثالث (المتقاعد) الذي سبق له أن دفع الضريبة التضامنية.
وانطلاقا من المكانة التي يتميز بها الصندوق كونه مقصد كل من انتهى به مساره المهني وملجأه الأول والأخير للحفاظ على كرامة العيش ومواجهة متاعب الدهر وانقلاب الزمن فإن حماية موارده بمختلف أشكال الحوكمة والترشيد واقتصاد النفقات ضرورة حتى لا يكون الضحية الأولى لأي خطر مالي محتمل وهو ما يبدو أن القائمين عليه يحرصون على القيام به في إدارتهم اليومية لشؤون الصندوق ومنتسبيه.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024
العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024