ضبط تسيير الشأن العام

سعيد بن عياد
15 ماي 2015

يجتاز الجهاز الاقتصادي الوطني منعرجا حاسما يقتضي تخّطيه بأقل الخسائر، بل مع امكانية إعادة تصحيح معادلة الموارد والاعباء بتحقيق الهدف الاستراتيجي المتمثل في التخلص من التبعية للمحروقات التي تحوّلت أسواقها متقلبات أسعارها والى هاجس مزمن بل أصبحت في الظرف الراهن كابوسا يؤرق القائمين على إدارة شؤون البلاد، خاصة في وقت تتسع فيه رقعة هيمنة القوى الدولية الكبرى التي تستعمل كل ما لديها من نفوذ وتأثير في البورصات العالمية لكسر اتجاه الدول الناشئة نحو المنافسة أو محاولة تعزيز استقلالية القرار الاقتصادي والمالي.
لذلك من الطبيعي أن يتم ادراج التعديل الحكومي الجديد في سياق السعي الحثيث الى إعادة ضبط دواليب تسيير الشأن العام وتركيزها على مسار بناء أرضية اقتصادية صلبة كفيلة بأن تستوعب الانشغالات وتستجيب للتطلعات التي تطمح إليها الأمة قاطبة من خلال الرفع من وتيرة النمو بإقحام جميع القطاعات التي ترتكز عليها التنمية الشاملة في ديناميكية ذات فعالية من شأنها أن تقلص في المدى القصير والى أبعد حد ممكن من الترسبات “الذهنية الريعية” التي تؤدي الى استنزاف الموارد.
حقيقة يتعلق الأمر هنا بالموارد المالية بعد أن بدأت تبدو شحيحة جراء انهيار أسعار المحروقات التي تمثل وقود التنمية منذ عشريات، وهو الأمر الحيوي الذي ينبغي التعاطي معه بروح المسؤولية الحقيقية التي تهيئ في كافة قطاعات النشاطات الاقتصادية والإدارية والخدماتية الشروط والمتطلبات لإطلاق المبادرات الانتاجية بما في ذلك قطاع الثقافة الذي يتوفر اليوم على فرص مؤهلة لأن تدمجه في مسار النهوض الاقتصادي القائم على عنصر الانسان المبدع وكسر الحواجز الوهمية بين مرافقه والمحيط الاقتصادي بما يساهم بلا شك في ترقية جانب القيمة المضافة التي تحتاج إليها تنافسية المؤسسة الاقتصادية الجزائرية.
وفي هذا الاطار ومن أجل بلوغ الاهداف المسطرة تحت عنوان: “بناء اقتصاد متنوع وغير تابع بشكل جوهري للمحروقات، فإن ورقة الطريق للمرحلة المقبلة وبالذات في المنظور القصير تقتضي بالضرورة أن تحقق العناصر الجديدة التي أقحمت في هذه “المعركة” النقلة النوعية في الآداء بحيث يجب إرساء سلوكات تعكس ممارسة المسؤولية في الورشات والنزول الى الميدان حيث يكون مسؤول أي دائرة وزارية عنصر بناء قادر على انتاج حلول منتظرة تدفع بعجلة البرامج من حيث الجودة والآجال والسيطرة على الكلفة، أو على الأقل كسر شوكة البيروقراطية التي تقاوم التغيير وتطيل عمر الفساد.
هذا الأخير وبعد أن تحول الى أخطبوط يستنزف الموارد ويهدد كيان المجتمع ويعطل إرادة البناء الوطني المتجدّد، هو أول ما يجب التخلص من مسبباته من خلال توسيع مساحة الشفافية حول البرامج والمشاريع وإدراك في العمق للمؤشرات الاقتصادية والمالية والتجارية بما في ذلك واجب مراجعة كل مسؤول للتقارير ذات الصلة والانفتاح على الخبراء من كافة المدارس لتشكيل رأي سديد يصّب في الاتجاه الرامي الى وضع البلاد في موقع لائق كما سطّره بيان أول نوفمبر وتحرص عليه الدولة من خلال تأكيد الارادة السياسية الصلبة التي تحتاج اليوم الى إدراك كافة الشركاء لأهمية الظرف بالنظر للمحيط الاقليمي والعالمي ومن ثمة ضرورة تعزيز مناخ الاستقرار الضامن للنموّ خدمة للجزائر والأجيال المتعاقبة.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024