صاحب النار يحمل نوره ويرحل

نورالدين لعراجي
03 أفريل 2015

شمعة أخرى يفل نورها إلى الأبد، تاركة خلفها وهج الضياء، يعلو الخشبة والفضاء المسرحي، الخشبة التي كان صاحبها حاضرا من خلال تواضعه وتدخلاته وطيبته، شمعة المسرحي والأكاديمي صالح لمباركية يختفي نورها هذه المرة على غير العادة، لن تكون كما سبق كتجارب العروض المسرحية ولن تكون مقياس التدريس على مقاعد المدرج الجامعي، الشعلة التي احترقت أكثر من خمسة عقود على الركح والكتابة والنقد والدراسات الأكاديمية والإشراف، لن يشع نورها بعد اليوم، بكل بساطة لأن صاحب مسرحية «النار والنور « حمل معه نوره ورحل رحيلا أبديا.
غيّب الموت هذه المرة سي صالح، كما يحلو لبعض الأصدقاء والجيران من حيه الشعبي بارك أفوراج بمدينة باتنة مسقط رأسه مناداته، رحل لمباركية بعد فرحة لم تكتمل ولم يستسغ عنفوانها، كان البيت منشرحا بزواج أحد أبنائه هذا الخميس، وشاء القدر أن يحضر هذا العرس، ويغادر الدنيا وهو في عقده السادس ونيف، كاتبا مثقفا مسرحيا أستاذا جامعيا، مشرفا على العروض، مساهما في النقد المسرحي من خلال تجربته الطويلة وبحوثه المتواصلة في أبي الفنون، رغم أن المرض قد أخذ منه القسط الكبير من الصحة إلا أنه كان مقاوما من خلال التحدي وظل مقاوما وكأنه في عرض مسرحي مع الزمن، أيهما يسبق الأخر.
في نصه المسرحي الذي أنتجه للمسرح الجهوي بباتنة، تحدث الفقيد عن كفاح الجزائر، مثمنا شخصية المجاهد محمد في عرضه، حين يقوم بنقل خبر استشهاد أحد المجاهدين إلى عائلته، في الطريق يلتقي بـ سي عبد الله قائد المنطقة وهنا تدور الأحداث، التي رسمها الفقيد في مخيلته بمرآة ذلك الشاب الذي عاش الأحداث برؤيته وبصيرته تارة ومحاورا التاريخ من خلال الشهادات التي كان يجمعها من أفواه مفجري ثورة التحرير بالأوراس، الرجل الذي تشبع بمبادئ هذه الثورة المعطاءة سيكون قدوة لكل الخيريين، من محبي المسرح والثقافة وطلبة الجامعات، الذين كان لهم الشرف التمدرس على أيدي هذا النابغة أثناء الدراسة وخلال التخرج وساعات العرض على الركح.
برحيله المفاجئ سيصمت صوت سي صالح إلى الأبد، سيخيم الحزن على قاعات العرض محليا ووطنيا و عربيا ودوليا ، سيخيم الحزن على مدرجات الجامعة، من بإمكانه التحكم في مقياس درسه لمباركية وكان من المدافعين على تفعيله بالجامعة؟ كيف لا وهو الناقد المسرحي والأكاديمي صاحب التجربة وعضو لجان التحكيم الدولية في المسرح، تاركا بصمته خالدة خلود هذا الوطن.
سيغدو صوت لمباركية خارج السرب هذه المرة، ليصمت إلى الأبد صوت، تعالى في الأفق، لتتوقف رنات بحته، إلى الأزل.. سيمضي السرب في طريق رسمته تجليات الركح والخشبة.. سيذكرك السرب والأحبة.
إبقى هناك.. فظلك هنا لايفارق الأوراس والأمكنة البعيدة.
وداعا سي صالح....... وداعا صاحب «الشروق».

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024