شعب لا تاريخ له، شعب لا مستقبل له، مقولة لطالما كرّرتها الخطابات في مختلف المناسبات، ولا يختلف اثنان على صحتها. ولما كانت المتاحف حافظ التاريخ والتراث بشقّيه المادي والمعنوي، فإنّها تتبوّأ مكانة محورية في واجهة الأمم، تعرّف الآخر بماضيها، وتظهر مدى تمسّكها بتراثها من أجل أن تتطلّع في ثقة إلى المستقبل.
إنّ أيّ زائر لدولة ما، يسأل أولا عن متاحفها، لأنّ المتحف بالنسبة للأمة هو بطاقة التعريف الوطنية بالنسبة للمواطن، نتعرّف من خلالها على هويته، عمره وشكله.
وليس للجزائر ما تخجل به في هذا السياق، فتاريخها ضارب في القدم، والدلائل على ذلك تسكت كل مشكّك، وتبهر كل ناظر، والتنوّع الحضاري الذي يمتاز به هذا القطر الشاسع علامة غنى وتميّز. غنى ممتدّ على عشرات الآلاف من السنين، وتميّز تشهد عليه آثار من عصور ما قبل التاريخ، إلى غاية التاريخ المعاصر الذي تفاخر فيه الجزائر سائر الأمم بثورة يشهد لها العالم بالتفرّد والعظمة.
ولكن الجزائري، الذي يلتقط لنفسه الصور في متاحف العواصم الأخرى وحدائقها، يبقى يقاطع متاحف بلاده، بما تعرضه من درر وكنوز.
ولعلّ كلمتنا المقتضبة هذه لا تكفي للتطرق إلى مسبّبات هذا العزوف، من قصور في التنشئة الثقافية، إلى ضمور في الماركتينغ السياحي، إلى تدنّ في الخدمة المتحفية في حد ذاتها، فالمتحف لا يمكن أن يسير بعقلية الخدمة الإدارية، كأن يغلق أبوابه أمام الزّائرين أوقات الغداء أو حين انتهاء أوقات العمل، أو في عطلة نهاية الأسبوع.
إنّ التّنظيم الجيد المحكم هو سرّ كلّ نجاح، وما دامت متاحفنا مدعومة بتاريخ عريق، ودعم مادي معتبر، فلا يمكن أن نعيب سوى التّنظيم الذي يوظّف هذه المعطيات ويسخّرها في ترقية الثقافة وخدمة الهوية الوطنية، لأنّ الشّعب الذي لا تاريخ له، شعب لا مستقبل له.
كلمة العدد
بطاقة هوية
بقلم: أسامة إفراح
21
فيفري
2015
شوهد:490 مرة