ورقة طريق..

سعيد بن عياد
27 جانفي 2015

انتهى الغموض وتبددت المخاوف بتدقيق الدولة للاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة ضمن منظور وطني شامل بوضع رئيس الدولة النقاط على الحروف في اجتماع مجلس الوزراء المصغر، مقدما إجابات شافية تتكفل بانشغالات المواطنين على امتداد ربوع البلاد وفقا لرؤية مسؤولة ذات بعد نظر واستشراف يضع الانسان بالدرجة الأولى في صدارة الأولويات من حيث أن المواطن الجزائري حيثما يكون وعلى تعاقب الأجيال هو الغاية، من أجل الدفع به إلى الأفضل اقتصاديا واجتماعيا وحتى سياسيا، بحيث تضمن له التنمية بكل أسبابها المتاحة امتلاك المناعة اللازمة في مواجهة إفرازات المحيط المحلي والإقليمي دون أن يفقد من صلابة الانتماء للجزائر قيد أنملة.

في هذا الإطار، تم التأكيد بما لا يدع مجالا للمغالطة، على أن مختلف الجهات من جنوبنا الكبير والهضاب العليا هي الخزان التنموي الذي يعطي الطاقة الكافية لديناميكية التنمية الوطنية القائمة على قاعدة التوازن والديمومة والمشاركة الفعلية للسكان، من أجل تجسيد الأهداف الوطنية الكبرى المنسجمة مع الخيارات التي سطرتها الدولة منذ فجر استرجاع السيادة الوطنية، امتدادا لرسالة ثورة التحرير المجيدة التي لم تفرط في حبة رمل من بلادنا وروت دماء شهدائنا الزكية كل ربوع البلاد. واتضحت ورقة الطريق اليوم، بالتأكيد على خيار “التنمية الديمقراطية” مع السهر على ضخ مزيد من الموارد ومضاعفة الجهود وفقا لمسار ينطلق من تأطير التنمية بتوسيع عقلاني لمؤسسات الدولة بذهنية جوارية عن طريق ترقية عدد من الدوائر المترامية الأطراف إلى ولايات منتدبة وحرص لا مجال فيه لدحض التشكيك بحماية البيئة والمياه الجوفية في باطن صحرائنا التي حباها الله بخيرات يمكنها باعتماد ذكاء الانسان أن تغير الوضع نحو الأحسن إلى درجة جعل الجنوب قطبا جذابا للساكنة في الشمال وبالتالي إحداث توازن لمعادلة التوزيع الجغرافي للسكان.
ولذلك تم الحسم في المنظور القريب والمتوسط في مسألة القطاعات التي تحظى بالأولوية متمثلة في اعتماد الفلاحة بكافة أنواعها قاطرة للتنمية والتوظيف العقلاني للموارد المائية في قهر الجغرافيا مع تنشيط مشاريع قاعدية مهيكلة مثل توسيع شبكة السكك الحديدية وشق الطرق المحورية والبناء الذاتي بكل أنواعه من أجل ملء الفراغ ومن ثمة تعزيز الاستقرار. ولعل أقوى رسالة من وراء كل هذا - بما في ذلك الفصل في مسألة الغاز الصخري باتمام البئر الثانية من باب الاستكشاف وتشخيص الاحتياطي مع ضرورة توسيع قنوات الحوار والاتصال مع المجتمع لمنع تسرب أي مغالطة أو سوء فهم- القول بلغة صريحة لا تقبل التاأويل أن الاستثمار في الإنسان من خلال الرفع من وتيرة وجودة تكوين المعلمين والأساتذة في الولايات والمناطق الجنوبية مسألة حيوية تتطلب تجنيد كل الإمكانيات اللازمة.
وبالطبع أمام تحديات بهذا الحجم وفي ظل أوضاع إقليمية تنشط فيها جماعات إرهابية تشتغل لدوائر عالمية تستهدف ضرب سيادة الدول الناشئة، لا يوجد أمامنا من سبيل سوى تعزيز الجدار الوطني بالتزام كافة الشركاء بما في ذلك أطراف المعارضة بخط سير لا مجال فيه للتلاعب بالمواقف والمزايدة في مسائل جوهرية تتعلق بالتماسك والانسجام الوطنيين، بحيث يمكن الاختلاف في جوانب تكتيكية وهو أمر طبيعي لكن لا مجال لأدنى اختلاف في القضايا الاستراتيجية والمصيرية تماما كما يحدث في مجتمعات عريقة في الديمقراطية والحريات.
إذن، دقت اليوم ساعة العمل وانتاج القيمة المضافة، كل في موقعه نحو غاية واحدة هي المساهمة بإخلاص وتفان في المجهود الوطني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية. فهلمّوا جميعا من كل ربوع بلادنا المتألقة- وقد عرف شعبنا كيف يفوّت الفرصة على المتربصين بمكاسبه وخيراته- إلى تجديد العهد مع وعد الشهداء بأن تستمر رسالتهم الخالدة منارة للأجيال بحيث تتواصل مسيرة البناء الوطني ومكافحة الفساد الذي تنشط جماعاته بمختلف الأساليب المدمرة، محاولة يائسة تسويق خطاب مثبط للعزيمة، لكن هيهات أن يبلغوا أهدافهم المفضوحة.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024