إعلام باريس والكيان الصهيوني

سعيد بن عياد
19 جانفي 2015

اصطف الاعلام الفرنسي صفا واحدا متراصا في التعامل مع قضية أسبوعية “العار” المعزولة التي جعلت من الدين الاسلامي متجرا لاسترجاع موقع في المشهد الاعلامي العالمي وإعادة شحن الرأي العام وتوجيهه تجاه خندق التطرف الذي يعرف تناميا في كامل أوروبا في مواجهة الوجود الاسلامي على ما يحمله هو الآخر من تداعيات اختلاف المذاهب وسطوة التطرف المسيء لقيم الدين الاسلامي الراقية التي استهوت جانبا معتبرا من أبناء الشعوب في المجتمعات الغربية نفسها.
انتقل ذلك الاعلام المسلح بالتكنولوجيا واحترافية عالية في الآداء من مرحلة نقل خبر حادثة الهجوم على مقر صحيفة سخيفة لا تزال مصممة على احتراف مهاجمة أسمى الرموز الاسلامية، الى تسويق مفضوح للكيان الصهيوني، من خلال وضع رأس الارهاب العالمي “نتن- ياهو” في صدارة المشهد الاعلامي وتقديم رأس الأفعى الذي تطارده أرواح ضحاياه في غزة الشهيدة بثوب الضحية.
بلا شك، إنها صناعة الإعلام التي تستثمر في الصورة، فتأسر المتتبع والمشاهد أساسا منذ إطلاق الخبر المرتب بكل عناية ودقة متناهية الى غاية تشكيل الرأي العام مرورا بانتقاء محللين يجيدون اللعبة من أجل ترسيخ فكرة إلصاق الارهاب بالاسلام والمسلمين.
ماعدا أصوات قليلة ومبحوحة حاولت كسر جدار الصمت دون جدوى، فإن أغلب التيارات السياسية والفكرية المهوّسة بالعنصرية المعلنة منها والمستترة التفّت حول مسار واحد يتمثل في تعميق الفجوة مع الآخر. لقد عمّق ذلك الاعلام الفجوة بين الغرب والشرق فأعاد بعث صراع الحضارات أمام قيمة الحوار التي تراجعت في تلك الديار، حيث سجلت سلسلة هجمات ضد الموضوعين في خانة الارهاب المدان في كل العالم ما عدا في الكيان الصهيوني الذي يمعن في ارهاب الشعب الفلسطيني ومناوئيه في لبنان الصامد وسوريا الجريحة بخناجر الغدر بداخلها ممن أوهمهم الربيع المغشوش، ومن حولها ممن يراودهم حلم التاريخ.
لقد سقط جانب من الاعلام الفرنسي، الذي لطالما رفع عناوين الحرية واحترام الثقافات المختلفة، في تبعية لقوى معادية للعالم العربي والاسلامي رافضا إلتزام موضوعية تساعد قراءه ومشاهدي قنواته على التمييز بين الاعتداء الارهابي والانتماء للاسلام وامتلاك الجرأة على الاعتراف بمسؤولية حكومات بلدان غربية منها فرنسا في تنمية التطرف الديني من خلال تشجيع تنمية مناخ الفتنة في بعض بؤر التوتر في الوطن العربي والقفز على جرائم الصهاينة التي تستمر فصولها دون أن يزعجها أحد. كان بإمكان إعلام باريس أن يكون أفضل لو بقي فرنسيا وفقط.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024