ثروة تنتظر الاستثمار

بقلم: أسامة إفراح
13 ديسمبر 2014

في المجتمعات الحية، تشكّل الجمعيات القلب النّابض للحركية الاجتماعية، والدليل الأمثل على أنّ هذه المجتمعات في صحة جيدة، أو العكس. تجسّد الجمعيات العديد من الوظائف التي تقوّي التماسك والترابط الاجتماعيين: التنشئة السياسية والثقافية، التطوع، التكافل، التوعية، التعبئة، التخطيط، التنفيذ، قوة الاقتراح..كلها “وظائف” تؤدّيها الجمعيات بامتياز، منها ما يكون في شكل عمل جواري، ومنها ما هو حواري يبنى من خلاله النّقاش في الفضاء العمومي بمفهومه الهابرمارسي.
ولا يختلف دور الجمعيات الفاعلة في قطاع الثقافة عن الإطار العام الذي طرقنا له، ولكي نفهم أحسن دور هذه التنظيمات والتجمعات المواطنية، يكفي أن نتخيّل المشهد الثقافي من دونها: فراغ ثقافي رهيب، نقص ملحوظ في قوة الاقتراح، انعدام المساهمة في تنفيذ مشاريع الدولة الثقافية على أرض الواقع، غياب العمل الجواري، غياب العمل على تنمية الحسّ الثقافي ومن خلاله الحس المدني، ضياع المواهب الشابة وبالتالي تفريط في روح الإبداع والابتكار.
وإذا كنا قد تخيّلنا هذا المشهد فقط من أجل أن نفهم أكثر دور الجمعيات الثقافية، فالواقع يثبت تحقق هذا المشهد فعلا على أرض الواقع في أحيان ومناطق كثيرة. وبغض النظر عمّا إذا كان السبب هو عدم كفاية الدعم الذي تتلقاه الجمعيات، أو تفريط هذه الأخيرة في دورها الطليعي، فإنّ الواقع بالأرقام يفرض إعادة لملمة شظايا الحركة الثقافية الجمعوية، والعمل مع من يعمل منها وتشجيعه، والاهتمام بمن “لا يعمل” من هذه الجمعيات، وإعادة إدماجه في حركة واسعة هدفها تثمين الجهود التي تبذلها الدولة ثقافيا، فما نفع المجهود المبذول إذا لم تواكبه الجمعيات؟ وما نفع الجمعيات إذا لم تكن هنالك سياسة شاملة تخطّط لتوزيع الجهد الثقافي على جميع الفاعلين بلا استثناء؟ بغض النظر عمّن هو المسؤول، لتكن الانطلاقة من نقطة يتفق الجميع حولها: وهي أنّ الجمعيات الثقافية مصدر طاقة بشرية، وخزان أفكار، ومورد ثروة ينتظر الاستثمار فيه بالشكل المطلوب.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024